قال الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي، إن القرآن الكريم يصور الكون بالصورة نفسها التي صورها ” أينشتاين ” ويصورها كل علماء الفيزياء من بعده، ما يشهد للنبي صلى الله عليه وسلم بالصدق وأن كل كلمة جاء بها إنما هي وحي من عند الله تعالى.

وفي سادس حلقات برنامجه ” بالحرف الواحد ” ، الذي يربط بين الدين والحياة والعلم كمثلث متكامل، تحدث خالد عن الجاذبية التي عرفها بأنها ميل الكتل والأجسام للانجذاب والتحرك نحو بعضها البعض، وقد أثبتت العلوم الحديثة أنه لولاها لما كان هناك حياة على الأرض، ولانحرفت عن مدارها ومسارها وانجرفت في متاهات الفضاء الخارجي، مثلما يحدث للبالون عندما يثقب ويفرغ منه الهواء.

وأوضح أن أول ” من وضع نظرية للجاذبية هو الفيزيائي المعروف إسحاق نيوتن (1687م)، وقد بقيت نظريته صامدة، حتى تم استبدالها من قبل أينشتاين (1915م) بنظرية النسبية العامة، والذي وصف في نظريته الجاذبية بأنها ليست قوة وإنما هي فقط انحناءات الفضاء ” .

وحول كيف تصور أينشتاين الجاذبية وكيف وصفها لنا؟، أشار خالد إلى أنه ” استخدم تشبيهًا واحدًا، مازالوا علماء فيزياء الفلك يستخدمونها لوصف الجاذبية وتأثيراتها، إذ أكد وكل علماء الفيزياء من بعده إلى وقتنا هذا، أن كل الأجسام السماوية صغرت أم كبرت تتحرك في الفضاء، محدثة موجات جاذبية مثلما هو الحال عندما تسبح المراكب والسفن في الماء محدثة موجات مائية على سطح الماء ” .

وأضاف أن علماء فيزياء الفلك يصفون ” الموجات الجاذبية ” في الفضاء gravitational waves بـ ” الموجات المائية ” ripples على سطح بركة ماء ” ، مشيرًا إلى ما قال علماء وكالة ” ناسا ” الأمريكية بالحرف الواحد حول أن بيئة الفضاء تشبه إلى حد كبير بيئة البحار، وأن الأشياء تتحرك في الفضاء، كما تتحرك الأشياء في الماء.

وتابع: ” ليس هذا فحسب، بل أنشأت الوكالة حمام سباحة نشرت صحيفة ” دايلي ميل ” البريطانية صورة له، وهو أكبر من حمام السباحة الأوليمبي 10 مرات ويسع 6.2 مليون جالون من الماء لتدريب رواد الفضاء على السباحة وبيئة انعدام الوزن قبل ذهابهم لأداء مهامهم في الفضاء، إذ أن على رائد الفضاء أن يتقن السباحة ويكون سباحًا ماهرًا أولاً.

ودلل في هذا السياق بوصف العالم Tuttle 2009 للثقوب السوداء بأنها هي التي ترسي المجرات في الفضاء، ووصف العالم West 2009 للشمس بأنها التي ترسي المجموعة الشمسية في الفضاء، موضحًا أن كلمة ترسى ” Anchor ” تعنى تثبيت السفينة فوق البحر للحيلولة دون أن تجرها الأمواج وتدفع بها التيارات الهوائية عن طريق إنزال أو إلقاء المرساة.

كما دلل بوصف العالمين Van Flandern and Vigier 2002 والعالمين Cardone and Mignani 2004,2007، للجاذبية وتأثيراتها بأنها عندما ترتطم المرساة بشكلها ووزنها المعهود بقاع البحر وتثبت في رماله وكثبانه فإن السفينة لا تستطيع أن تتحرك إلا ضمن دائرة مداها طول المرساة من سطح البحر، وحتى نهاية طرف السفينة.

وقال إن هذا السطح الدائري مرتبط بمدى طول خط المرساة الممدود، حيث اعتبروا أن خط المرساة هو تأثيرات الجاذبية.

وذكر أن ” المرساة ” Anchor ” ، هي شعار الملاحة البحرية على مر الأزمان، وحتى يومنا هذا كما هو معلوم في عالم الملاحة البحرية هي الثقالة الحديدية المربوطة بالحبل أو الجنازير الحديدية التي تثبت السفينة فوق البحر، حيث يرغب ملاحتها في الوقوف للحيلولة دون أن تجرها الأمواج وتدفع بها التيارات الهوائية مع تغيير مسار ووجهة الريح ” .

وقال إنه ” مما سبق نستنتج أنه على الرغم من أن الفضاء ليس بحرًا أو بركة ماء فقد صور ” أنشتاين ” ويصور كل علماء الفيزياء من بعده الآتي عن الكون:

-أن حركة الأجسام الفضائية في الفضاء تشبه تمامًا حركة السفن والمراكب في الماء وتحدث حركتها موجات جاذبية في الفضاء مشابهة للموجات المائية الناتجة عن حركة السفن والمراكب في الماء، وأن ” الموجات الجاذبية ” gravitational waves في الفضاء تنتشر كالحلقات على سطح بركة ماء بما يشبه ” الموجات المائية ” ripples.

-أن تأثيرات الجاذبية بين الأجسام الفضائية في الفضاء تشبه التأثيرات التي ترسي السفينة فوق البحر للحيلولة دون أن تجرها الأمواج وتدفع بها التيارات الهوائية، وأن المجموعة الشمسية بما فيها كوكب الأرض بل والمجرات في الفضاء جميعًا في حالة رسو.

تلك هي تصورات أينشتاين وعلماء الفيزياء من بعده عن الكون بالحرف الواحد وليست تصوراتي أو تشبيهاتى أنا.

وذكر أن ” أن القرآن الكريم يصور الكون بالصورة نفسها التي صورها ” أينشتاين ” ويصورها كل علماء الفيزياء من بعده حيث يؤكد الآتي:

-أن حركة الأشياء في الفضاء تشبه تمامًا حركة الأشياء في الماء، وذلك من خلال التعبير الدقيق جدًا في قوله تعالى ” وكل في فلك يسبحون ” (سورة يس آية 40).

-أن كوكب الأرض في حالة رسو، وتأثيرات الجاذبية تشبه التأثيرات التي ترسي السفينة فوق البحر للحيلولة دون أن تجرها الأمواج وتدفع بها التيارات الهوائية، وذلك من خلال التعبير الدقيق جدًا في قوله تعالى ” وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم ” (النحل آية 15)، نعم فـ ” الرواسي ” هي ما يرسي الأرض… وما يرسي الأرض هي انحناءات الفضاء…. وانحناءات الفضاء هى ” الجاذبية ” .

وأشار إلى أن ” هذا يشهد لنبينا محمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ بالصدق وأن كل كلمة جاء بها إنما هي وحي من عند الله تعالى ” .

ودلل بقوله تعالى: ” وجعلنا فيها رواسي شامخات ” (المرسلات آية 27)، فهذه الآية توضح لنا المدى البعيد جدًا للجاذبية في الفضاء، فالأرض مثل باقي الأجسام الفضائية وجودها في الفضاء يحدث انحناءات فضائية أو جاذبية تصل مداها في الفضاء كي ترسي أجرام فضائية أخرى مثل القمر مثلاً….. وهكذا.

وذكر أن هاتين الآيتين ” وجعل فيها رواسي من فوقها ” ، (فصلت آية 10)، ” وألقينا فيها رواسي ” (ق آية 7)، توضحان من خلال كلمتي ” ألقينا ” و ” من فوقها ” أن أصل الجاذبية هي من الفضاء وبالمعنى العلمي الجاذبية هي انحناءات الفضاء.

وختم خالد قائلاً: ” علينا الالتزام بالمعنى الحرفي للقرآن، فمن الخطأ أن تقول على الرواسي أنها الجبال كما تقول بعض التفاسير، ولكن عليك عندما تسمع الآية التي تقول مثلا ” وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم ” أن تتأمل في أن الأرض تحتاج إلى ما يرسيها كي لا تنجرف وتتوه في متاهات الفضاء مثلما تحتاج السفينة إلى ما يرسيها كي لا تنجرف وتتوه في متاهات البحر، وتلك هي تأثيرات الجاذبية كما يتصورها العلماء ” .

وتوجه خالد في الختام إلى الفيزيائي لورانس كراوس، مؤلف الكتاب الشهير ” كونٌ من لا شيء ” ، المنشور سنة 2012، وصاحب المحاضرات التي تحظى بانتشار واسع على موقع ” يوتيوب ” عن نشأة الكون، والذي يجزم أن الطاقة السالبة للجاذبية توازن الطاقة الموجبة للمادة، وهذا يعني أن مجموع طاقة الكون الكلي يساوي الصفر، أي أنه لم تتم إضافة أي طاقة لإنشاء الكون، ولكن فقط هكذا يمكن أن يبدأ الكون من لاشيء؛ لأن قوانين الفيزياء تسمح له بذلك، فأنت لاتحتاج لإله! ولا لأي قوة فوق طبيعية لخلق الكون؛ لأن التقلبات الكمومية تستطيع إنتاج كون من لا شيء، فلماذا علينا أن نؤمن بوجود الخالق إذا كان الكون هو صورة من صور العدم ولا يحتاج إلى إضافة أو سحب طاقة لينشأ.

وعلق خالد قائلاً: إن كراوس صدق فقط في قوله، إن الجاذبية توازن المادة، وهذا يعني أن مجموع طاقة الكون الكلي يساوي الصفر، لأن من خلق الكون قد أخبرنا في كتابه العزيز القرآن الكريم أن الجاذبية توازن المادة قبل أن تولد أنت ومن يؤيدونك .. قال تعالى (سورة الحجر آية 19 ): ” وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ (الجاذبية) وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ (المادة) مَّوْزُونٍ ” ، ومعنى الآية الكريمة ببساطة شديدة؛ أن ما يرسي الأرض يوازن كل شيء، أي أن الجاذبية توازن المادة.

بالحرف الواحد – الحلقة 6

بالحرف الواحد – الحلقة 6 السباحة والرسو ليسا فقط فى الماء ولكن أيضا فى الفضاء .آية في سورة يس وأينْشتاين يهزما الإلحاد (لا الشمس ينبغي لها ان تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون)

Posted by Amr Khaled on Wednesday, January 17, 2018