العلماء ورثة الأنبياء ومصابيح الهدى وهم بمثابة الشمس للدنيا والعافية للأبدان والإمام المجدد الألباني -رحمه الله- قد قضى أكثر من خمسين عاماً من حياته في خدمة الإسلام وعلم الحديث ونذر نفسه للدعوة إلى العقيدة الإسلامية والدفاع عنها وإحياء السنن ونشرها ويشهد بذلك القاصي والداني وهو إمام زمانه ومجدده وناشر السنة ومن أبعد الناس عن التكفير والإرهاب بل له كتاب اسمه: “فتنة التكفير” يحرم ويجرم التكفير والتعدي على الدماء والأنفس ويرد على المكفرة بالأدلة الشرعية من القرآن والسنة وعلق على هذا الكتاب سماحة الشيخ ابن باز وفضيلة الشيخ ابن عثيمين -رحمهما الله- وأثنى عليه علماء عصره وشهدوا له بالإمامة في العلم والتجديد فقد سُئل سماحة الشيخ ابن باز -رحمه الله- عن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها).

فسُئل من مجدد هذا القرن فقال -رحمه الله-: “الشيخ محمد ناصر الدين الألباني هو مجدد هذا العصر في ظني والله أعلم”.
وقد زكاه وشهد له بالإمامة في العلم سماحة الشيخ ابن باز -رحمه الله- بقوله: (ما رأيت تحت أديم السماء عالماً بالحديث في العصر الحديث مثل العلامة محمد ناصر الدين الألباني).

وإني في هذا المقام أشكر كل أمير ووزير وقاضي ودكتور وعالم ومفكر وأديب وداعية دافع عن الإمام المجدد الألباني -رحمه الله- الذي فاز بجائزة الملك فيصل رحمه الله لجهوده العظيمة في خدمة الحديث والسنة النبوية وسأضع بين أيديكم قرائي الكرام ترجمه الإمام المجدد الألباني من موقع جائزة الملك فيصل

سيرة ذاتية
الجنسية: سوريا
الشيخ محمد ناصر الدين الألباني
الأستاذ محمد إبراهيم شقرة يمثل الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في حفل منح الجائزة
وُلد العلاّمة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني سنة 1332هـ/1914م، في أشقودره العاصمة القديمة لألبانيا. وكان والده من كبار علماء المذهب الحنفي هنالك، ولكنه لم يكن راضياً عن توجّهات بلاده وميلها – في ذلك الوقت – نحو الغرب، فهاجر هو وأسرته إلى دمشق.

تعلّم الشيخ الألباني القرآن، والتجويد، والنحو، والصرف، وفقه المذهب الحنفي، وهو في ريعان الشباب، كما عمل لفترة من الوقت في مهنة إصلاح الساعات. وقد حبَّب الله – سبحانه – إليه علم الحديث النبوي الشريف، فعكف على دراسته طوال سني عمره، وتفوَّق فيه على جميع معاصريه.

وقد بدأ التأليف منذ مطلع شبابه حتى بلغ عدد مؤلفاته المطبوعة والمخطوطة أكثر من ثلاث مئة كتاب، تأليفاً وتخريجاً وتحقيقاً وتعليقاً. وكان أول عمل قام به في مجال الحديث نسخ كتاب: المُغني عن حمل الأسفار في تخريج ما في الأحياء من الأخبار للحافظ العراقي مع التعليق عليه. ومن أوائل تخاريجه للحديث كتاب: الروض النضير في ترتيب وتخريج معجم الطبراني الصغير، ولا يزال مخطوطاً. ومن كتبه المشهورة: إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، وسلسلة الأحاديث الصحيحة، وسلسلة الأحاديث الضعيفة، وتحقيق كتاب مشكاة المصباح للتبريزى، وصحيح الجامع الصغير وزياداته، وصحيح الجامع الضعيف وزياداته، وغير ذلك من مؤلفات ومراجع لا غنى عنها لدارسي علم الحديث.

لقد كان الشيخ الألباني شخصية علمية فـذَّة، وصاحب مدرسة متميِّزة وعطاء علمي أغنى حقل الحديث. وقد أفاد، بعلمه الغزير ومؤلفاته ودروسه، عدداً كبيراً من طلاب العلم ودارسي الحديث النبوي الشريف.

ورغم ابتعاد الشيخ الألباني عن العمل السياسي إلا أنه تعرض لكثير من المُضايقات، وأُعتقل لمدّة شهر في قلعة دمشق وهي نفس القلعة التي اعتقل فيها شيخ الإسلام (ابن تيمية). وعند نشوب الحرب مع إسرائيل سنة 1387هـ/1967م أُفرج عنه ضمن بقية المعتقلين السياسيين، ثم أُعيد اعتقاله وأرسل إلي سجن الحسكة حيث أمضى ثمانية أشهر، وخلال تلك الفترة حقَّق مختصر صحيح مسلم للحافظ المنذري.

زار الألباني الكثير من الدول للتدريس وإلقاء المحاضرات، منها قطر، والكويت، ومصر، ودولة الإمارات العربية المتحدة، وأسبانيا، وانجلترا، والمغرب، وألمانيا. واختارته الجامعة الإسلامية في المدينة المنوّرة في المملكة العربية السعودية لتدريس علوم الحديث لمدة ثلاث سنوات (1381-1383 هـ/1962م–1964م)، ثم انتقل إلى عمَّان بالأردن وأقام فيها.

مُنِح الشيخ محمد ناصر الدين الألباني الجائزة؛ تقديراً لجهوده القيِّمة في خدمة الحديث النبوي؛ تخريجاً و تحقيقاً ودراسة.

وذلك في كتُبه الكثيرة وبخاصة إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل، وسلسلة الأحاديث الصحيحة، وسلسلة الأحاديث الضعيفة، وتحقيق كتاب “مشكاة المصابيح” للتبريزي، وصحيح الجامع الصغير وزياداته، وضعيف الجامع الصغير و زياداته.

ويعدّ الشيخ الألباني شخصية علمية رائدة، وصَاحب مدرسة متميِّزة، وله عطاء حديثي أغنى الحقل العِلمي، وأصبحت جهوده وأعماله مراجع لطلاب العلم، وعوناً لدارسي السُّنَّة النبويَّة.

تُوفِّى الشيخ الألباني، رحمه الله، سنة 1420هـ/1999م في مدينة عمَّان ودفن فيها.

فرحم الله هذا الإمام المجدد مجدد العصر وناشر السنة وجميع علماء المسلمين الذين خدموا الإسلام والمسلمين وقدموا للأمة العلم النافع الذي يقرب إلى الله تعالى.