الله سبحانه وتعالى يحب الذين يساعدون الناس ويقضون حوائجهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس). صحيح الجامع.

ونبينا محمد عليه الصلاة والسلام هو القدوة الحسنة في قضاء حوائج الناس بأقواله وأفعاله وأحواله ، وهو المثل الأعلى لكل مؤمن يريد أن يصل إلى مكارم الأخلاق ، ومحاسن الآداب ، وجميل الصفات ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحب الأعمال إلى الله سرور تُدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربةً، أو تقضي عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد – (يعني مسجد المدينة) – شهرًا، ومن كف غضبه، ستر الله عورته، ومن كظم غيظه، ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله عز وجل قلبه أمنًا يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى أثبتها له، أثبت الله عز وجل قدمه على الصراط يوم تزل فيه الأقدام، وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخلُّ العسل).

ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث فضل الذين يقضون حوائج الناس، ويعم نفعهم لغيرهم بأنهم آمنون من عذاب الله تعالى يوم القيامة، ولا سيما أنهم حققوا صفة الإيمان الحق، فالذي يسعى مخلصًا لله تعالى في قضاء حاجة أخيه، قد أحب لغيره ما يحب لنفسه، وهكذا يتحقق الإيمان.

وقال عليه الصلاة والسلام: “خير الناس أنفعهم للناس”.

قال المناوي رحمه الله: “أي: بالإحسان إليهم بماله وجاهه وعلمه؛ لأن الخلق كلهم عيالُ الله، وأحبهم إليه أنفعهم لعياله”.

وكان نبينا صلى الله عليه وسلم يجتهد في قضاء حوائج الناس ويحرص عليه ، وأذكر لكم هنا بعض النماذج المشرقة من سيرته عليه الصلاة والسلام ، قالت خديجة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم: (والله ما يُخزيك الله أبدًا ؛ إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم (الفقير)، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق).

(لتصل الرحم) أي: تُحسن إلى الأقارب وتواسيهم (وتحمل الكل) أي: تساعد الضعيف واليتيم وغيرهما.

(وتكسب المعدوم) أي: تعطي المال تبرعًا للمحتاج.

(وتقري الضيف) أي: تقدم الطعام والشراب للضيف.

(نوائب الحق) أي: الحوادث الجارية على الخلق بتقدير الله تعالى.

وروى البخاري عن أنس بن مالك، قال: “كانت الأَمَة – (الجارية المملوكة) – من إماء أهل المدينة، لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتنطلق به حيث شاءت”.
قال ابن حجر رحمه الله: (فتنطلق به حيث شاءت)؛ أي: يذهب النبي صلى الله عليه وسلم مع الجارية إلى حيث شاءت من الأمكنة، ولو كانت حاجة الجارية خارج المدينة، والتمست منه صلى الله عليه وسلم مساعدتها في قضاء تلك الحاجة، لساعدها النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، وهذا الحديث دليل على مزيد تواضعه وبراءته صلى الله عليه وسلم من جميع أنواع الكبر).

وكان الصحابة رضوان الله عليهم والتابعين والصالحين يفرحون بالسعي في قضاء حوائج الناس قال حكيم بن حزام رضي الله عنه: “ما أصبحت وليس ببابي صاحب حاجة، إلا علمت أنها من المصائب التي أسأل الله الأجرَ عليها”.

وقال محمد بن واسع رحمه الله: “ما رددت أحدًا عن حاجة أقدر على قضائها، ولو كان فيها ذَهاب مالي”.

وقال عطاء رحمه الله: “تفقَّدوا إخوانكم بعد ثلاث، فإن كانوا مرضى فعودوهم، أو مشاغيل فأعينوهم، أو كانوا نسوا فذكِّروهم”.

وجاء رجل إلى الحسن بن سهل رحمه الله يستشفع به في حاجة فقضاها، فأقبل الرجل يشكره، فقال له الحسن بن سهل: “علامَ تشكرنا ونحن نرى أن للجاه زكاةً كما أن للمال زكاةً؟!”.

يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: “إن في قضاء حوائج الناس لذة لايعرفها إلا من جربها، فافعل الخير مهما استصغرته فإنك لا تدري أي حسنة تدخلك الجنة”.

أيها القراء الكرام قضاء حوائج الناس من أفضل الأعمال عند الله تعالى ، فساعدوا الناس واعينوهم ، واقضوا حوائجهم ، واشفعوا تؤجروا ، وتعاونوا على البر والتقوى ، واحسنوا إن الله يحب المحسنين ، وتذكروا أن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ، ومن قضى حاجة عباد الله تعالى تكفل الله عز وجل بقضاء حوائجه ، ويسر الله له أموره ، وكان في ظل عرش الرحمن يوم القيامة ، وسهل له كل عسير ونجاه من كرب يوم القيامة قال صلى الله عليه وسلم: “من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر، أو يضع عنه. رواه مسلم.