كل يوم مع الشروق امتطي راحلتي قاصداً جهة عملي ونفسي خاملة لا تحب الذهاب للدوام وهناك الكثير مثلي؛ ولكن مكرها أخاك لا بطل، هكذا هو الحال يفرض أيدلوجيته ونتقبله ونحن له كارهون مع نوبات بكائية بين الضلوع.

ما أن اخرج من البوابة وأمر بطريق المطار وكذلك طريق الملك سلمان حتى دوار الطائرة إلا وأشاهد الكثير من العمالة يشتغلون بالمزروع ومتوزعين فرادى وجماعات على امتداد الطريق، يسقون ويزرعون وينظفون، عملهم الدؤوب أثار فضولي فبدأت أتأمل حالهم فلم أجد مواطن بينهم لا عامل ولا مشرف، فثار انبهاري بجمالية المكان.

كل يوم يتكرر المشهد وانا أتأمله بعمق، فتوسع الفضول حتى شارف على رواتبهم المتدنية مقابل خدمتهم بتطوير البلد ونهضته وهذا شيء نفتخر به من المواطن البسيط حتى أعلى مسئول في السلم الهرمي.

توسع التأمل حتى طال الشوارع وأرصفتها وإنارتها وتنظيمها والمباني الفاخرة السكنية والتجارية واللافتات البراقة فلم أجد دور مباشر للمواطن في تأسيسها، كل هذا الصرح الشامخ نهض على أيدي خليط من الأعراق والأجناس من بلاد شتى متوزعة بين القارات.

الكثير من الناس يعاتبني وبشدة عندما أثني على الدور الريادي لبعض الوافدين في نهضة البلد مبررين ذلك بأنهم يأخذون مقابل أتعابهم، ولولا المال لما أتو من آخر الدنيا وتركوا بلدانهم.

هذه من نعم الله علينا بتسخير هذه الشعوب لخدمتنا، والله لولا الحاجة لما تحملوا عناء الغربة وآلامها إلى بلاد الشمس الحارقة والزمهرير القارس، والغربة بحد ذاتها آلام ومواجع لا أحد يستطيع وصفها إلا غرباء الأوطان.

نحمد الله ونشكره على ما تفضل به علينا من نعم لا تعد ولا تحصى، فقد رزقنا الله ونحن في بلدنا وبين أهالينا، وسخر لنا من يقوم بنهضة بلدنا نيابة عنا، فلهم منا جزيل الشكر والامتنان.

ولا ننسى دور (الخواجة) الذي اكتشف لنا النفط يوم أن القبائل تسطر البطولات بالتناحر فيما بينها، في ظل غياب تام للقانون، أما الآن فقد غمرنا الله بفضله ونعمه الواسعة في ظل حكومة مباركة منا وفينا.