قابلت إحداهن لم ألتقِ بها مسبقًا في احد غرف الانتظار بالمستشفى، رأتني متوترة بعض الشيء اقتربت مني وأخذت تسألني عن سبب تواجدي وسبب قلقي الواضح، أخبرتها باختصار عن السبب، ومن ثم قالت لي بعض الكلمات والعبارات المؤثرة واختتمتها بعبارة جميلة جدا حينها حينما قالت لي: “هوني عليك يا بنتي (كله رايح).” ونهضت واضعة يدها على كتفي ماسحة عليه بتحنان ومن ثم غادرت المكان، وكأنها جاءت لترسل لي رسالة تمثلت في كتابتي لهذا المقال.

بالفعل “كله رايح” كم أراحتني تلك العبارة أيما راحة، أشخاص لا نعرفهم نلتقيهم بالطريق أحيانًا او بمكان ما، ولكنهم يظهرون ليرسلوا لنا رسالة بدون سابق معرفة أو ترتيب للقاء، هي صدف ولكن أحيانا تكون صدف تترك أثرا ووقعا بالنفس.

تلك المرأة قالت لي “كله رايح”، نعم، “كله رايح”. الطرق تختلف أحيانا ونضيع بها ولكننا بعد الكثير من المحاولات قد نجد الطريق الصحيح ونكمل المسير به وننسى الطريق الخاطئ.

اللقاءات الجميلة بالأحبة والصحب قد تقل وقد تنتهي وتزول لأسباب كثيرة، منها ما ينتهي بالرحيل ومنها ما ينتهي بالخلافات و”كله رايح”. والأماكن التي نتواجد بها ونعيش بها أزمنة ونقضي بها جل أوقاتنا أيضًا لا بد من مغادرتها يوما

و”كله رايح”.

ضحكاتنا وأصوات الفرح التي كانت تحيط بنا يوما ترحل وتتبدل هي الأخرى بوجوم وألم وعزلة و”كله رايح”. بكاءنا على الأطلال وعلى المغادرين وعلى الأيام لا بد أن ينتهي ويتبدل الحال إلى حال آخر قد يكون أجمل من ذي قبل.

لا بقاء للأشياء ولا للأحدث ولا للبشر ولا للأمكنة ولا للعابرين بدهاليز الحياة، “كله رايح”.

عش اللحظة وافرح بها وتأمل الأشياء من حولك بحبٍ وبيقين وبرضا وبقناعة تامة أن كل شيء لابد رايح.

لذلك اجعل قلبك سليم خالي من كل الشوائب الدنيوية اجعل أيامك ولحظات عيشك

مفعمة بكل جميل وكل ملفت وكل ما هو خيرٌ لك ولغيرك عش لحظاتك بفرح لأن في النهاية “كله رايح”.