يتزاحم الناس في هذه الأيام في متاجر مواد غذائية معيّنة، يأتون أفواجاً وفراداً وهم سراعاً و(يقشّون) كل ما يجدونه أمامهم من أصناف أنعام ربي؛ تساءلت بيني وبين نفسي ما سر هذا الغزو المتوحش لمتاجر معينة دون غيرها فقلت ربما أنهم يبحثون عن الأقل سعراً وعندما أتمعّن المتسوقين أجدهم ما تطاله أيدهم يحذفونه في عربياتهم دون النظر إلى سعره حتى تواريخ الصلاحية نادراً ما تجد متسوقاً يتفحصها.

من فضل الله علينا ثم بجهود الجهات المسئولة جميع ما يحتاجه المواطن والمقيم فهو موجود في جميع المتاجر ولا داعي لاصطناع هذا الازدحام الذي لا أجد له تبريراً، من يرى حالنا يظن أننا إن لم نتسوق قبل بدء الصيام سوف نُحشر إلى الربع الخالي ومن ليس زاده معه سوف يكون طعامه من رمال صحراء الربع الخالي وشرابه من مياهها الكبريتية.

ومن فضل الله علينا أن الكثير منا معظم وقته مع نفحات أجهزة التكييف الباردة لا تعب ولا إرهاق ولا جوع ولا عطش، ما عدى أصحاب المهن والحرف والقائمين على حفظ الأمن والمدافعين عن الحدود نسأل الله أن يكتب أجرهم فلهم نصيبهم من مشاق الحياة.

وبكل أسف الكثير منا همّه الوحيد في شهر رمضان تعدد الأصناف والأطباق في السفرة الرمضانية وكأنما نحن محرومين منها في بقية الشهور، شهر الخير والعطاء يريد منا البذل والعطاء والاجتهاد في العبادات والابتعاد عن الملهيات التي لا داعي لها.

أرجو أن ألا يُفهم من سطوري هذه أنني أدعو للحرمان من هذه النعم التي وهبها الله لنا، وأن نتقشف في كل شيء؛ بل نأكل ونشرب ونستمتع بما احله الله لنا ولكن باعتدال دون إسراف أو تبذير.

أتمنى من تلك الأسر التي تُحب توثيق السُفر الرمضانية ونشرها عبر وسائل التواصل الإلكترونية أن تراعي إخوة لهم حُرموا من هذه النعم بسبب إمكانياتهم المادية وظروفهم الخاصة، من بُسط له في رزقه وصحته وعافيته فليحمد الله وليستتر وليبتعد عن التباهي بما وهبه الله.

نسأل الله القبول لنا ولكم في هذا الشهر الفضيل، وأن يُعيده علينا وعليكم أعوماً عديدة، وأن يحمي بلادنا وجميع بلاد المسلمين من الفتن والكوارث ما ظهر منها وما بطن إنه سميع مجيب.