كان هناك شخص صنعت له كوبًا من الشاي فبادرني قائلا: “شكرًا لك، تسلم يديك.” وآخر صنعت له نفس الكوب فقال لي: “لماذا الشاي ناقص سكر.”

وأيضا قمت بإهداء أحداهن هدية قيمة كانت عبارة عن ساعة، فقامت بشكري قائلة “تسلمين أنك افتكرتني” وأخرى أهديتها نفس الهدية فقالت “عندي ساعات أحلى منها بكثير.” اختلفت مرة مع إحداهن وقد نشب بيننا خلاف بسيط، فقالت: “عمري ما شفت يوم حلو معك.” وأخرى اختلفت معها أيضًا وقالت: “حبذا لو نحل الموضوع من أجل كل الحلو اللي عشناه معًا.”

الناس نوعين، نوع أعينهم ترى الجميل في كل موقف يحدث ويقدره، فبالتالي لا إراديًا ترغب بأن تسعده بأي شكل من الأشكال. وتتمنى ان ترضيه وتراه في أفضل حال . ونوع آخر لو تشعل له الأصابع العشرة شموع إلا أنه رغم كل ذلك يراك وينظر لك أنك مقصرٌ معه، وللأسف نظره القاصر ذاك انه لا يرى إلا الشيء السيئ من كل جميل صنع له.

لا نكتفي بل نعطي قلوبنا -مجازا للآخرين لنعبر لهم عن صادق المودة وعميق الحب، بيد أنه يبدو أن هذا كله لم يكن كافيا ومع ذلك، لن تسلم من أحاديثهم وتذمرهم وانتقاداتهم، فلا تنتظر مردودا من أحد ولا مديح؛ الحياة دين، عائد لك ما قدمته لغيرك. فافعل ما تحب أن تراه يعود إليك، وقدم ما تستطيع تقديمه ليس من أجلهم بل من أجل ما ترضي به ربك ثم أخلاقك ومبادئك.

دروب الحياة تتسع للمنافقين الذين يتلاعبون بقلوب البشر وبعواطفهم، يفعلون ما يحلو لهم متنكرين بقناع قد أخفى معالم وجوههم الحقيقية، في حين تضيق السبل أمام أصحاب القلوب البيضاء النقية والذين لم يعرفوا سوى الصدق مسلكا فلا تلبث الحياة أن توجه لهم صفعة ترافقهم مدى العمر.