يعرف التنمر الإلكتروني بأنه أي استغلال عن طريق الشبكة المعلوماتية (الإنترنت) والتقنيات المتعلقة به بهدف إيذاء متعمد لأشخاص آخرين ومضايقتهم بطريقة متكررة وعدائية، ويشير أيضا إلى السلوك العدواني وغير المرغوب فيه الذي يقوم به المتنمر إلكترونياً باستخدام التقنيات الحديثة مثل الهاتف الذكي، والبريد الإلكتروني، والرسائل النصية، والتطبيقات، ووسائل التواصل الاجتماعي والمنتديات وغيرها ضد طرف آخر بغرض الإساءة إليه وإلحاق الضرر به مادياً أو معنوياً أو اجتماعياً أو نفسياً وإزعاجه وبث الخوف في نفسه.

الفرق بين التنمر التقليدي والتنمر الإلكتروني :-

التنمر التقليدي غالبا ما يحدث وجها لوجه وينتشر في الأماكن العامة أو المدارس أو النوادي أو التجمعات العائلية، أما التنمر الإلكتروني يكون كما ذكرنا في المقدمة على الشبكة المعلوماتية ووسائل التواصل ويترك أثرا رقميا وسجلا يمكن الإستفادة منه عن طريق الأدلة المساعدة في القضاء، لإيقاف الإساءة وإقرار العقوبات.

وللتنمر الإلكتروني عدة أنواع من أهمها التالي :-

* محاولة تشويه السمعة:- كأرسال شخص ما (المتنمر) معلومات مزيفة أو نشر إشاعات أو صورا مضرة أو غير صحيحة عن شخص آخر (المُتنمر عليه) بغرض السخرية منه وتشويه سمعته في المجتمع المحيط به.

* التحرش والمضايقة: ومنها إرسال رسائل تهديد مسيئة تحمل ألفاظا غير لائقة اجتماعياً وأخلاقياً لشخص ما، أو التعليق بشكل سلبي ومهين على مشاركاته أو صوره في مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات.

* القرصنة الإلكترونية: وذلك بإرسال المتنمر برامج ضارة أو الاستيلاء على كلمة المرور أو التحكم في جهاز الضحية.

* التنمر عبر التصوير: حيث يتم تصوير الضحية دون علمه ونشر صوره على وسائل التواصل الاجتماعي أو المنتديات أو نشر صور معدلة له يظهر فيها الضحية بوضع غير لائق بهدف إلحاق الضرر والأذى به.

* النبذ أو الاستبعاد الإلكتروني: عندما يستبعد المتنمرون شخصًا خارج المجموعة أو مواقع الألعاب وغيرها من الأنشطة عبر الشبكة المعلوماتية، يعدّ هذا شكلًا من أشكال التنمر الجماعي وهو من أنواع التنمر الشائع جدًا.

* المطاردة الإلكترونية: تتم بإرسال رسائل عبر الشبكة المعلوماتية بشكل مستمر تتضمن تهديدات بالأذى أو المضايقة أو رسائل التخويف التي تهدد سلامة المُتنمر عليه وتزيد من توتره وقلقة منها.

* انتحال الهُوِيَّة: يحدث باختراق شخص ما بريدًا إلكترونيًا معينا أو حسابًا خاصا على الشبكات الاجتماعية ويستخدم هُوِيَّة الشخص عبر الشبكة المعلوماتية لنشر وإرسال مواد محرجة أو سرية أو مسيئة له.

* أسلوب الخداع: وهو أن يقوم المتنمّر بخداع شخص ما واستدراجه للكشف عن أسراره ثمّ ينشرها بإرسالها إلى آخرين في مواقع التواصل الاجتماعي أو على الشبكة المعلوماتية لإلحاق الضرر به.

* تطبيقات التجسس: وذلك من خلال تطبيقات معينة صممت خصيصًا لاختراق خصوصية الآخرين والتجسس عليهم وسرقة معلوماتهم الخاصة واستخدامها بطريقة غير شرعية.

أسباب التنمر الإلكتروني :- للتنمر أسباب رئيسية من أهمها :

1- غياب الاهتمام الأسري :- يكون بسبب تربية الأبناء على الأمر والنهي وعدم تعليمهم أسلوب التحاور مع غيرهم والإقناع والإيضاح وعدم تعزيز الأبناء لذاتهم وحقوقهم وعدم تطوير مهاراتهم وقدراتهم على التواصل والتعبير عما بداخلهم مع عدم المراقبة الجيدة والقرب منهم واستخدام العنف معهم، مما ينشئ ذلك أبناء مضطربين نفسيا وفاقدي الثقة في أنفسهم ويكونوا عرضة للتنمر الإلكتروني أكثر من غيرهم.

2- عدم تقبل الاختلاف :- وذلك باعتبار الاختلاف أمر سلبي ومحاربة الرأي الآخر بأسلوب “إن لم تكن معي فأنت ضدي ” وهو من أساسيات فشل الحوار الناجح لأن الاختلاف طبيعة بشرية يمكن التعايش معها كل حسب تربيته وثقافته وبيئته التي نشأ فيها.

3- غياب دور التعليم :- إهمال بعض المدارس والمدرسين والمرشدين النفسيين والجامعات لمعالجة شكاوى الطلاب التي تختص بالتنمر وتكون سببا في زيادة حالات التنمر والاستمرار فيها وتدهور الحالات النفسية للضحايا من جراء التمادي في التنمر دون عقوبة تذكر.

4- دور الإعلام السلبي :- ساعدت بعض وسائل الإعلام في نشر ثقافة التنمر بالتركيز على الأمور السلبية وبعض المشكلات وتضخيمها وجعلها مادة إعلامية دسمة وعدم العمل على تقديم بدائل منطقية تفيد المجتمع ولا تضر به.

5- الغيرة وحب السيطرة والتحكم : تكون الغيرة غالبا بسبب تميز الآخرين ونجاحهم والتزامهم عن البعض، وأما حب السيطرة والتحكم يكون ناتج عن حب النفس والرغبة للتحكم في الآخرين وهي من أهم أسباب التنمر.

الآثار السلبية للتنمر الإلكتروني :- للتنمر آثار سلبية قد تستمر لفترات طويلة إذا لم يتم تداركها وعلاجها مبكرا ومنها :

* الآثار العقلية: مثل التفكير السلبي والشرود الذهني مع الشعور بالضيق والحرج والغضب وتدني المستوى الدراسي.

* الآثار العاطفية: منها الشعور بالدونية والخجل وفقدان الاهتمام بالأشياء المحببة للنفس والرغبات المعتادة.

* الإنهاك الجسدي: كالأرق والمعاناة من عدة أعراض مثل الآم المعدة بسبب إهمال الطعام واضطرابات النوم والصداع وقد يؤدي أيضا لإيذاء أنفسهم بالوحدة والانعزال عن الآخرين التي قد تصل في بعض الحالات إلى التعود على المهدئات أو إدمان المخدرات في حالة عدم تدارك الوضع والعلاج المبكر.

* محاولة الانتحار: قد يسبب التنمر أثارا كبيرة على الضحية التي لا تستطيع تحمله وتشعرها بأن الخيار الأنسب لهذه المشكلة هو إنهاء هذه الحياة البائسة (بالنسبة للضحية) بالانتحار.

طرق الوقاية من التنمر الإلكتروني :-

– تعليم الأبناء معنى التنمر الإلكتروني وكيفية التعامل مع المتنمرين وعدم التأثر بهم وآداب استخدام وسائل التواصل.

– التحفظ على المعلومات والصور الشخصية وعدم مشاركتها عبر وسائل التواصل الممكن إختراقها واستغلالها.

– معرفة قوانين وسياسة مواقع التواصل جيدا وطرق مقاضاة المتنمرين إلكترونيا وكيفية إيقافهم.

– عدم التنازل عن عقوبة التنمر والتفريط في الحقوق مع عدم إظهار الضعف والخوف لعدم تمادي المتنمر في الإساءة.

– تجاهل التعليقات المسيئة والرسائل الغريبة وعدم الرد عليها أو حتى قراءة محتوياتها السيئة لعدم التأثر والغضب.

– حظر المتنمرين هو من أسرع الطرق للحد والوقاية من التنمر الإلكتروني وعدم إعطاء الفرصة للتمادي فيه.

– مشورة المقربين من الأهل والأصدقاء وطلب المساعدة خاصة من المختصين في رسائل التنمر الإلكتروني.

– استخدام كلمات مرور غير معتادة وغير سهلة بحيث يصعب للمتنمرين اختراقها أو تخمينها أو الوصول لها.

– الحفاظ على سرية تسجيل الدخول والخروج من مواقع التواصل وعند وجود شك يفضل تغيير كلمة المرور فورا.

– عدم الثقة في الغرباء الذين يحاولون التقرب وتبادل المعلومات الخاصة معهم التي قد تكون طعما للتنمر الإلكتروني.

عقوبة التنمر الإلكتروني في السعودية :-

أعلنت النيابة العامة السعودية عن عقوبات التنمر الالكتروني عبر “أخبار السعودية” في وسائل التواصل الاجتماعي وذلك بالسجن لمدة تصل إلى عام كامل أو غرامة قد تصل إلى نصف مليون ريال سعودي أو قد يتم تطبيق العقوبتين معا حسب نظام الجرائم المعلوماتية المرتكبة، لتوفير الحماية الجنائية للمتضررين، وجاءت هذه الخطوة للتأكيد على خطورة التنمر الإلكتروني وما يمكن أن يتركه من آثار نفسية وخيمة على أفراد المجتمع، لا سيما الأطفال والمراهقين، وأضافت النيابة العامة بأن تَخَفَّى الشخص المتنمر عبر الشبكة المعلوماتية باسم مستعار لا يمنعها من تحديد هويته والوصول إليه ومن ثم فرض عقوبات بحقه للحد من انتشار هذه الظاهرة السيئة في المجتمع.

مبادرة وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات للتنمر الإلكتروني :-

أطلقت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، مبادرة “علّم واستريح” في نوفمبر 2020م، للتوعية بالتنمر الإلكتروني وسبل الوقاية منه، بمشاركة أكثر من 70 شريكاً من القطاعات العامة والخاصة وغير الربحية تهدف لمساعدة الآباء والأمهات للتعريف بالتنمر الإلكتروني وطريقة تعرض الأطفال له ورفع الوعي لديهم وزيادة الثقافة الرقمية لدى أفراد المجتمع من الأطفال والبالغين عبر الحملات التوعوية المختلفة، ومحاولة تمكين الأطفال من التصرف بشكل صحيح تجاه المتنمرين سعيا منها لتغيير سلوك “المتنمرين”، وتثقيف الأطفال بأنواع وأشكال وأسباب التنمّر الإلكتروني وهو دور فعال تشكر عليه الوزارة والقائمين عليها.

ختاما ظاهرة التنمر الإلكتروني هي ظاهرة عالمية ومشكلة خطيرة تؤثر على الأبناء نفسيا وتدفع الطلاب الضحايا لكره الدراسة وقد تسبب لهم آثارا نفسية بالغة تقودهم لممارسة سلوكيات سيئة وخاطئة قد تؤدي للانتحار كما ذكرنا في حالة عدم التدارك والعلاج المبكر، لذا فإن دور كل أسرة هو الاهتمام البالغ بالأبناء ومراقبة طريقة استخدامهم لمواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات الإلكترونية والقرب منهم والتحاور معهم لزرع الثقة وحب الحوار وتشجيعهم على إظهار السلبيات التي يواجهونها لأنها من أهم وأوائل الطرق للقضاء على التنمر الإلكتروني وأنا شخصيا أؤيد الحكمة التي تقول ” الوقاية خير من العلاج “.