الله عز وجل أمر بالرفق في الأمور كلها ، وهو جل وعلا رفيق يحب الرفق ، ورسوله عليه الصلاة والسلام كان رفيقاً سهلاً ورحيماً لين الجانب مع كل الناس وخصوصاً مع المرأة قال صلى الله عليه وسلم: “إن اللّٰه رفيق يحب الرفق ، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف ، وما لا يعطي على ما سواه”. رواه مسلم.
وكان أنجشة رضي الله عنه يحدو للإبل التي كانت تحمل أمهات المؤمنين وكان حسن الصوت فأسرعت الإبل في السير فخاف النبي صلى الله عليه وسلم عليهن فقال له عليه الصلاة والسلام: ” يا أنجشة رفقاً بالقوارير “.
وشبه الرسول الله صلى الله عليه وسلم النساء بالقوارير ؛ لأن المرأة تشابه الزجاجة في رقَّتها ولطَافتِها، وضَعْف بُنيتها ؛ شبههنّ بالقوارير لسرعة تأثرهن، ولقلة صبرهن ، فخاف عليهنّ من حَثّ السير وسرعته سقوط بعضهن ، أو تألُمِهِنّ بكثرة الحركة، والاضطرابِ الذي يكون عن السرعة والاستعجال ، وجاء الإسلام بتكريم المرأة ، وأعلى شأنها ، ورفع قدرها ؛ فالمرأة هي أماً وأختاً وخالةً وعمةً وزوجةً وبنتاً ، وأوجب علينا طاعة أمهاتنا دائماً ، والإحسان إلى زوجاتنا وجعل بيننا المودة والرحمة ، وأوجب علينا الإحسان إلى خالاتنا وعماتنا وبناتنا وتربيتهن التربية الحسنة ، وأوجب علينا الإحسان إلى أخواتنا ومعاملتهن المعاملة الحسنة ، وأود أن أخبر أمي بأنها أفضل امرأة في حياتي من يوم ولادتي إلى يوم وفاتي ، فأنت الفرح والسرور والسعادة يا أمي ، وكل أيامي معك أفراح وسرور وسعادة ، وأنت كذلك يا أختي، ويا زوجتي ويا خالتي ويا عمتي ويا ابنتي.
والله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم أمروا باكرام واحترام المرأة ، ومراعاة مشاعرها وألا تتعرض للحزن ؛ لأن حزنها عميق ، ومشاعرها رقيقة ، والحزن يفقدها جمالها ويزيدها ضعفًا.
وعلميًا الحزن يؤثر علي الغدد المفرزة للهرمونات الانثوية، فكم حزينة لم تنجب ، وكم حزينة تساقط شعرها ، وكم من حزينة شحب لونها، فرفقًا بالقوارير ، إنهن القوارير ، إنهن المؤنسات الغاليات ، إنهن الحنان ، إنهن الحليمات ، إنهن الجنة.
‏‎هُنَّ القَواريرُ، رِفقاً بالقَواريرِ
وهُنَّ لو كُنتَ تَدري كالأزاهيرِ
هُنَّ الفَراشاتُ أَلواناً وهَفهَفةً
فهل يُطِقنَ احتمَالاً للأَعاصيرِ؟
فإنْ نَظرنَ مَنحنَ القَلبَ راحتَه
وإن نَطَقنَ فإيقاعُ المزاميرِ
يَغرسنَ في البيتِ أَزهارَ الحنانِ
فما جَزاؤهنَّ سُوى حُبٍّ وتَقديرِ
فلا ترفع صوتك على أمك ، ولا تجرح أختك بكلمة ، واهتم بزوجتك ، ولا تقسو على ابنتك واستمع لها ، وابتسم لها ولبي طلبها ، ولا تجرح إحداهن بكلمة وتقرب إلى الله بالإحسان لهن ، ولا تُحزن قلوبهن ، فلا يكرم النساء إلا كريم ولا يهينهنّ إلا لئيم ، فو الله لا تعلم أجر الفرحة والسرور إذا أدخلته عليهن ، فهن سبب في رزقك وسعادتك بعد الله.
وبعض الجهلاء ‏يذمون الرجل الذي يحترم المرأة و يدللها ، ولا يعلمون أن الرفق بها أعظم رجولة ، ‏⁧‫‏إن قسوة تعاملك مع أهل بيتك ، وسوء خلقك معهم يدل على ضعف شخصيتك ، ‏ونقص في ديانتك ورجولتك ‏قال صلى الله عليه وسلم: ‏(خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي ). رواه الترمذي.
‏إنّ الرجالَ مَواقِفٌ وأجلُّهم
مَن يُكرِمُ الأنثى ولا يؤذيها
ووصى الرسول صلى الله عليه وسلم بالنساء في أعظم خطبة في التاريخ (خطبة حجة الوداع) بقوله: (استوصوا بالنساء خيرًا).
والمرأة بشر ، والبشر ضعفاء ، ومن طبيعة البشر التعب والنقص والتقصير ، فإذا قصرت المرأة في شئ فلا تلمها ولا تعاتبها على ذلك فأعمالها كثيرة جداً في البيت والأسرة وتربية وتدريس الأولاد والمطبخ ونظافة البيت ؛ ومن أراد زوجة بلا عيوب بقي بلا زوجة.
‏إن قصّرتْ لا تلُمْها؛ إنّها بشرٌ
من ذا يعيشُ حياةً دون تقصيرِ؟
وإن عتبتَ فلا تجرحْ مشاعرَها
يا طيّب القلبِ رِفقاً بالقواريرِ
ووصى والد ولده عند الزواج بقوله:
“إنّ النّساء يحببن الدلال ويحببن التصريح بالحب ، فلا تبخل على زوجتك بذلك ، فقد صرَّح مَن هو خيرٌ منك بحبِّه لمن هي خير من زوجتك،
فقد سئل رسول الله ﷺ: (أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة). متفق عليه.
فإن بخلت جعلت بينك وبينها حجاباً من الجفوة ونقصاً في المودة”.
يقول ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى: ” وعاشروهن بالمعروف ” أي : طيِّبوا أقوالَكم لهنَّ، وحسِّنوا أفعالَكم وهيئاتكم حسب قدرتكم كما تحبُّ ذلك منكم”.
وتذكروا دائماً قول رسولنا عليه الصلاة والسلام: (من يحرم الرفق يحرم الخير كله). رواه مسلم.