ثمة سلوك اجتماعي لستُ أول من يتطرق له، ولا آخرهم، فقد تحدث أو كتب عنه من هو أعلى مني مكانةً ووجاهةً وإلماماً وحصافةً، عانت منه جميع طبقات المجتمع، وهي ظاهرة ما ينفقه العنصر النسائي على حفلات الزواج، أموالاً تبدد، لا تعود بالنفع على المتزوج، ولا على الزوجة، ولا على أهله، ولا على أهل العروس، عادات اجتماعية حديثة، يعود ريعها بالمقام الأول (للتجّار)، من تداعياتها السلبية عزوف الشباب عن الزواج، فامتلأت البيوت من العوانس، عادات صنعتها الأنثى بنفسها، وبها قصمت نفسها، أنا هنا لا أبرئ الذكور فلهم دور بخلق المشكلة سواءً بشكل مباشر أو غير مباشر.

فقد حذر المصلحون مراراً وتكراراً من تفاقم المشكلة وخروجها عن السيطرة، فخرجت لنا من رحم تلك المشكلة حفلة الخطبة، وحفلة توديع العزوبية وما يصاحبهما من تكاليف لا تعود بالنفع على الجميع، ومن يدفع الثمن وعواقبه هم شبابنا وشاباتنا، إن لم نتدارك الأمر ونكون جادين بالحلول ستصبح الزواجات عندنا (بالقطارة) والنتيجة معظم الشباب والشابات أعزب.

معاشر النساء:

إني رأيتكن تدخلن سوقاً وتخرجن من سوقاً آخر، ورغم حجم تلك الأسواق وتنوع محتوياتها، إلا أنكنّ تخرجن خاليات الوفاض مدعيات أنكن لم تجدن ما يناسبكنّ، لديكن قدرة عجيبة، تفرزن الملابس بالأسواق قطعة تلوَ الأخرى رغم كثرة الأشكال والألوان دون ملل، وتستمر مدة التسوق شهور من اجل حفلة لا تتجاوز مدتها ربما أربع ساعات وربما تزيد قليلاً أو تنقص، وبعد ذلك يصبح كل شيء في طيّ النسيان، أراكنّ تبالغنَ أكثر مما يجب، وترهقن أنفسكنّ بمحض إرادتكنّ.

إني رأيتكنّ تبالغن في الزينة واختيار أندر الفساتين ليس من اجل (العريس) ولا(العروسة) وإنما من أجل أن تقهرن(فلانة)، وبعد انتهاء الحفل: (شفتن فلانة) ذوقها(وع) وهلمّ جرى من (الحشّ) في خلق الله، لا أعلم هل هو حفل زواج أم دورة لتمييز الألوان والأذواق المعقّدة؟!!.

قد يقول قائل: لو خُصصت نصف ما تنفقه النساء على حفلات الزواجات وتسليمه (للعرسان) لأسهمت تلك المبالغ بتحسين البنية التحتية للأسرة الناشئة الجديدة، التكاليف تنمو نمواً مخيفاً تحت ذريعة (نبي حفلنا غير) هنا تشتد(المجاكرة) والسباق (الماراثوني) في التكاليف، ومما يزيد الطين بلةً ارتفاع الأسعار وشُح الوظائف وازدياد البطالة بين أوساط الشباب.

الأنثى بطبيعتها (فرفوشة) تستغل تلك المواسم لإشباع غريزتها الفطرية بالطرب والمرح، وبما لذّ وطاب من الطعام والشراب، والزينة بمختلف أدواتها، ولن يتوقف سقف مطالبها إن لم توضع لها خطوط حمر بعدم تجاوزها، ليس كرهاً لها، أو تعدي على ميولها الشخصية، وإنما حفظاً للتوازن على استمرارية الزواجات.

الزواج ستر للطرفين، وتنشئة أسر جديدة للمحافظة على تنمية العنصر البشري حتى لا تتآكل المجتمعات، الله عز شأنه استخلفنا في الأرض لنعمرها، ولن يكون هناك إعمار ما لم يتوفر العنصر البشري المتجدد وهم فئة الشباب.

لا بدّ أن تكون هناك وقفة جادة بين الأطراف لكبح جماح التطرف والمباهاة بالتكاليف، وعلى الأنثى أن تكون وسطية، فهي المعنية في هذا الزمان كونهن هنّ المسيطرات والمتحكمات بزمام الأمور، على الأنثى أن تدرك أن المتضرر: هي – أختها- إحدى قريباتها – زميلاتها – بنات مجتمعها بشكل عام- وطالما أنها لا ترضى العنوسة لنفسها فهي لا ترضاها لغيرها.

أعلم وأنتم أيضاً تعلمون أن كتابتي هذه لن تسهم بحل المشكلة، ولن تنال إعجاب الكثير من الذكور والإناث، وربما تٌقرأ من باب التسلية أو من باب معرفة دوافع هذا المقال، وسنبقى بتلك الدوّامة عاجزين عن إيجاد مخرج من هذه الورطة، وسيبقى مقالي هذا عبارةً عن فضفضة عاجز وحائر مثل غيره من الناس، وكل ما بوسعه يثرثر خلف الشاشة.