أشرقت أنوار عشر من ذي الحجة التي أقسم الله تعالى بها في القرآن الكريم بقوله: (والفجر وليال عشر) ، ولها فضل عظيم قال صلى الله عليه وسلم: (أفضل أيام الدنيا أيام العشر). يعني: عشر ذي الحجة. رواه البزار وابن حبان.
وعشر من ذي الحجة تبتدئ من دخول شهر ذي الحجة وتنتهي بيوم عيد النحر.
بعشر الخير خلاق البرايا ** يجود على الأحبة بالهدايا
مواسم طاعة لا تهملوها ** وسوقوا نحو غايتها المطايا
إذا أملت من مولاك عفواً ** ففز بالعشر يا عذب السجايا
ويا أحباب قلبي بادروها ** بتوبة صادق صافي النوايا
قال ابن حجر رحمه الله: “والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه ، وهي: الصلاة ، والصيام ، والحج ، والصدقة ولا يأتي ذلك في غيره”. فتح الباري 2/460.
فكبروا حتى يبلغ تكبيركم عنان السماء ، كبروا فإن الله يستحق الثناء ، قال صلى الله عليه وسلم: (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه الأيام العشر ، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد). رواه أحمد وغيره.
الله أكبر عشر الخير قد فاحت ** يا رب فاجعل لنا من خيرها قسما
واهد القلوب لما ترضاه من عمل ** وفي سباق التقى اجعل لنا إسما
والعشر من ذي الحجة هي عشرة أيام تمر سريعاً كلمح البصر ، وهي فرصة قد لا تأتيكم مرة آخري ، فلا تغفلوا عنها فأنتم في الأشهر الحرم ، أفضل أيام العام ، فإذا مضت عليكم لحظات لم تذكروا الله فيها فبادروا إلى إيقاظ قلوبكم بالتوبة والتسبيح والاستغفار والدعاء وقيام الليل ؛ لأن الغفلة داء وذكر الله تعالى دواء وشفاء ، وتذكروا أن هذه الأيام المباركة يتمناها الموتى ، لما فيها من عظيم الأجر والثواب ، فاغتنموا هذه الفرصة العظيمة ، وأكثروا في عشر ذي الحجة من الأعمال الصالحة كقراءة القرآن والصيام والصدقات وصلة الأرحام وبر الوالدين وإطعام الطعام وسقيا الماء والذكر بأنواعه من تكبير وتهليل وتسبيح وتحميد ، وأكثروا فيها من النوافل قال الإمام ابن رجب رحمه الله: “وأما نوافل عشر ذي الحجة فأفضل من نوافل عشر رمضان ، وكذلك فرائض عشر ذي الحجة تضاعف أكثر من مضاعفة فرائض غيره”. فتح الباري 6/119.
أيها القراء الكرام هذه عشرة أيام فقط ليست شهراً كرمضان ، وقتها قصير لا يحتمل التقصير ، الشياطين بها ليست مصفدة ، فالاجتهاد فيها أعظم ؛ لأن أكثر الناس عنها غافلون.
اللهم وفقنا للأعمال الصالحة فيها ، وبلغنا يوم عرفة ونحن في أحسن حال.