كثيرا من طلبة الثانوية العامة قد تخرجوا هذا العام وهم على مشارف الدخول إلى الجامعة التي يحلمون بها منذ أن بدأوا دراستهم الابتدائية ولكن همهم الأول والأخير هو كيفية اختيار التخصص الجامعي الذي سوف يبدأون معه حياتهم الجامعية، والتخصص الجامعي أو ما يسميه البعض بالمسار الجامعي هو الحقل الدراسي الذي يختاره الطالب لنفسه ويتضمن مجموعة من المواد المتخصصة في مجال معين، وقد بدأت وزارة التعليم في خطوة رائدة نظام مسارات الثانوية العامة (منذ العام الماضي) والتي تساعد الطالب على التركيز على تخصصه الجامعي من المرحلة الثانوية والاستعداد المبكر لهذا التخصص، وقد خصصنا مقال سابق عن مسارات الثانوية العامة بكل تفاصيله ومميزاته يمكن الرجوع له.

أهمية اختيار التخصص الجامعي للطلاب :- يساهم اختيار التخصص في استمرار رغبة وحماس الطلاب في التطور والتقدم في المجالات الأكاديمية ومواصلة الدراسة والإبداع بكل جد واجتهاد مقرونة بالمتعة التي يجدها الطلاب في التعليم والرضى التام لدراستهم في التخصص الذي يرغبون، وذلك لاستخراج كافة الطاقات المكنونة لديهم لهذا التخصص.

معايير اختيار التخصص الجامعي :- هناك عدة معايير تؤثر بشكل مباشر في اختيار التخصص وأهمها:

* معرفة الطالب لقدراته ومهاراته وكل ما يستطيع عمله وخاصة قدراته الشخصية والمالية والمهارات التي تساعده على اختيار هذا التخصص لضمان القدرة على الاستمرار فيه والنجاح والتميز.

* معرفة الاهتمامات والقيم للطالب وهي نابعة من المثل الذي يقول حب ما تعمل، تعمل ما تحبونعني الشغف والحب الحقيقي لتخصص معين والرغبة في تعلم المزيد عنه، وأما القيم فتتمثل في اعتقادات الطالب مثل الحفاظ على البيئة أو الثروة النفطية أو الحيوانية أو الهندسة الزراعية أو غيرها والتي تؤثر في توجه الطالب لتخصص معين.

* فرص العمل المستقبلية والمتاحة أمر مهم في اختيار التخصص ودخول سوق العمل بوظيفة مطلوبة مستقبلا لأن الاختيار الخاطئ أو غير المطلوب قد يسبب خيبة أمل عند التخرج لعدم توفر فرص عمل لهذا التخصص، وحبذا لو كان التخصص المختار يتيح العمل في عدة مجالات مختلفة ومتقاربة.

* مدى صعوبة التخصص الجامعي والذي لابد من معرفة الأعباء الدراسية له ومتطلباته من ناحية الإنجازات والاختبارات لكل فصل والوقت المطلوب لذلك حتى يمكن تقدير إمكانية تحمل التخصص والاستمرار فيه.

* استشارة أكاديمي مختص من أهم المعايير لاختيار التخصص عن طريق المقابلة الشخصية والاستعداد لها بالأسئلة المطلوبة له والاستماع للنصائح والإرشادات المقدمة منه للطالب والتي غالبا ما تكون مفيدة.

* التخطيط لتخصصات بديلة عند عدم القدرة الحصول على التخصص المطلوب للطالب كي لا يصاب بالإحباط وخيبة الأمل وأن تكون الخيارات البديلة حسب الأهمية والميول ومتطلبات سوق العمل.

* الدراسات العليا للتخصص وهي مهمة للطالب الذي يرغب إكمال الدراسات العليا فهناك تخصصات يمكن الوصول فيها لدرجة الدكتوراه خلال ست سنوات وأخرى تستغرق عشر سنوات واختصاصات تتطلب خبرة عملية أكثر.

معوقات اختيار التخصص الجامعي :- وهي تتمثل في النقاط التالية:

* رغبة الآباء والأمهات في تخصصات معينة لأبنائهم ومحاولة إجبارهم عليها دون إعطاؤهم حرية الاختيار أو الميول.

* عدم النصح والتوجيه السليم من الأسرة والمدرسة والمجتمع مما يؤدي لتخبط الطلاب وعدم استقرارهم وحيرتهم.

* النظرة القاصرة لبعض الطلاب عن التخصصات التي تناسبهم واختيار تخصصات لا تناسب سوق العمل.

* التكاليف الباهظة لبعض الجامعات وعدم تمكن بعض الطلاب توفيرها لدخول هذه الجامعات المتخصصة.

* عدم اقتناع الطلاب ببعض التخصصات المطروحة وعدم معرفة قدراتهم ومهاراتهم الحقيقية.

* التعقيدات التي تفرضها بعض الجامعات بالنسب المبالغ فيها أو اختبار القدرات رغم حاجة سوق العمل للتخصص.

* عدم زرع الطموح عند الأطفال والمراهقين في اختيار تخصصهم منذ المراحل الدراسية وتوجههم الجامعي.

قصة من الواقع :- أذكر أن أحد الأصدقاء ذكر لي أنه أختار تخصص الهندسة نظرا لرغبة والده وإصراره على ذلك وبعد مرور ثلاث سنوات، ناقش والده في رغبته بترك الهندسة والتوجه لتخصص آخر، فأجابه الوالد بأنه هو الذي قضى من عمره ثلاث سنوات في هذا التخصص والخيار له إذا رغب خسارة تلك السنوات، فتراجع عن رأيه وأستمر في تخصصه وتخرج منه بتفوق وهو الآن من أكبر المهندسين في شركة كبرى في المملكة.

وأختم بأن السنوات التي يستغرقها الطالب في الدراسة الجامعية في تخصص معين هي فترة ليست سهلة من العمر إذا لم يتم استثمارها بالشكل المطلوب والصحيح فسوف تكون خسارة كبيرة واستنزاف لهذه لفترة والتي قد يندم عليها الطالب بسبب سوء اختياره للتخصص، لذا لابد من التأني وحسن الاختيار بكل قناعة واقتدار والاستفادة منها خاصة عندما تكون أمرا واقعا لأنها الطريق الأول للمستقبل العملي الذي سوف يبدأه الإنسان بعد انتهاء مرحلة الدراسة والتي سوف يعيشه مدى الحياة.