أمر ديننا الإسلامي الحنيف بالتحلي بكل خلق جميل ؛ لأن الأخلاق تجلب المحبة وتديم الألفة بين أفراد المجتمع ، وكل الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام الذين أرسلهم الله تعالى إلى الناس كلفهم الله بمهمة أساسية وهي الدعوة إلى توحيد الله تعالى والدعوة إلى مكارم الأخلاق الحسنة وتجنب الأخلاق السيئة ، وكانت بعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لإتمام مكارم الأخلاق.

وأحاسن الناس أخلاقاً في الدنيا هم أقرب الناس مجلساً من رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم.

إني شممت من العطور جميعها ** وعرفت أطيبها على الإطلاق
كل العطور سينتهي مفعولها ** ويدوم عطر مكارم الأخلاقي
فما أجمل رقي الأخلاق في تعامل الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام مع أقوامهم ، والجمال الحقيقي هو جمال الروح والأخلاق.

قال صلى الله عليه وسلم: (إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ، ولكن يسعهم منكم بسط الوجه ، وحسن الخلق).

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: “واعلموا أن البشاشة وطلاقة الوجه لإخوانكم ؛ من الأمور التي تثابون عليها ، فمن كان متصفًا بها ؛ فليحمد الله ، وليسأله المزيد من ذلك ، ومن لم يكن متصفًا بها فليمرن نفسه عليها ، فإن الإنسان لا يزال يمرن نفسه على الأخلاق الفاضلة حتى تكون من سجاياه وطبائعه”. (الضياءاللامع).

وآفة هذا العصر هو غياب الأخلاق من بعض الناس إلا من -رحم الله تعالى- وغياب القدوة في البيت والأسرة والمدرسة وطغيان الماديات على الروحانيات والأخلاق فأصبحت علاقات البعض مبنية على المصالح والمنفعة.

وعيوب الجسم يسترها متران من قماش ، أما عيوب الفكر والأخلاق يكشفها أول نقاش ، وليست الأمراض في الأجساد فقط ، بل في الأخلاق أيضاً ، لذا إذا رأيت سيّءَ الخلق فادع له بالشفاء ، واحمد الله الذي عافاك مما ابتلاه ؛ لأن سبب المشاكل وقطع العلاقات وشحن النفوس “هو سوء الأخلاق ونقل الكلام” ، عجيب من يجد لنفسه عذراً في كل شيء ولا يعذر الناس في أي شيء!

وأجمل سرقة هي سرقة القلوب بطيب الأخلاق ، كونوا هينين لينين قريبين من الناس لتدخلوا جنة عرضها السموات والأرض قال عليه الصلاة والسلام: (حرم على النار كل هين لين سهل قريب من الناس). رواه الترمذي.

كم هي ‏جميلة معاني قوله تعالى: (لينفق ذو سعة من سعته). سورة الطلاق آية: ٧.

فإن كانت سعتك في الكلمة الطيبة فأنفق منها ، وإن كانت سعتك في البسمة الصافية فأنفق منها ، وإن كانت سعتك في مساعدة وإعانة الآخرين فأنفق منها ، وإن كانت سعتك في التغافل عن الأخطاء فأنفق منها ، وإن كانت سعتك في الدعاء وإن كان بظهر الغيب فأنفق منها ؛ فالإنفاق ليس مالاً فقط ، وإنما كل خير من قول أو فعل أو خلق حسن تقدمه للبشر فهو إنفاق وأجر وثواب وصدقة لك ، فليس هناك أوقع في النفس من الكلمة الطيبة ، وليس أسَرَّ للقلب من المعاملة الحسنة ، وليس أجمل من البشاشة عند اللقاء ، فأحسنوا الظن بالناس ولا تحكموا عليهم من أشكالهم.