قدر الله عليّ بمرافقة ابني الذي هو في سن المراهقة لِمُراجعة طِبِيّة في مستشفى خاص لأنه لم يَبلُغ السن القانوني لقيادة المركبة، وعندما توجهننا للاستقبال لإصدار الفاتورة، لفت نظري أكثر من ثلاث حالات لأشخاص بالغين عاقلين تتعدى أعمارهم العشرين عاما (أي ليس بمراهقين أو أطفال) يرتدون ملابس قصيرة فوق الركبة “شورت” وبطريقة مقززة جداً لسوء تكوينهم الجسماني وظهور بعض عوراتهم مع تواجد كثيف من النساء والأطفال في مكان عام مثل هذا، حيث كان المنظر العام بالنسبة لي مؤلم جدا بأن تكون هناك عقليات بهذا المستوى من التفكير وعدم احترام الذوق العام أو حتى الخوف من عقوبات مخالفة الذوق العام والتي تكررت في أكثر من مكان عام غير المستشفى، ناهيك عن السؤال الذي دار في خلدي عن كيف لهؤلاء الأشخاص المسلمين أن يؤدوا صلاة المغرب والتي كانت سَتُدْرِكنا بعد أكثر من ساعة؟.

أذكر أننا في مجال عملنا سابقا (قبل عدة أشهر) كنا لا نسمح بالدخول لمن يرتدي هذه الملابس القصيرة لمقر العمل حسب التعليمات والتوجيهات الصارمة في هذا الموضوع، ومما زاد فضولي هو وجود حارس أمن حريص على مراقبة مراجعي ومرتادي المستشفى بارتداء الكمامات ولكنه للأسف لم يكن حريصا على منع هؤلاء الأشخاص من الدخول بهذا اللباس الخادش للحياء والذوق العام بقدر حرصه على الكمامات، وهنا لا أنكر أن ابني يرتدي “الشورت” في المنزل أو على شاطئ البحر ولكنني حريص قبله على عدم الظهور به في الأماكن العامة حفاظا على احترام النفس قبل الذوق العام، فهل يعي هؤلاء الأشخاص أننا نحاول زرع ثقافة معينة في أبنائنا لاحترام الآخرين ومراعاة شعورهم والالتزام في الأماكن العامة، وهم بهذه التصرفات يسببون لأبنائنا تناقض فكري وعدّة تساؤلات منها “لماذا نحن نلتزم وغيرنا لا يقوم بذلك؟”، والتي قد تسبب لهم انتكاسه وعودة لمرحلة عدم الالتزام فيما لو لم يجدوا الإجابة الشافية لهذا التصرف والحرص على التربية.

إن مخالفة الذوق العام صريحة وواضحة للكل وتنص على عدم ارتداء اللباس غير اللائق “الشورت” في الأماكن العامة بحسب طبيعة كل مكان وهي تتراوح بين 250-500 ريال في المساجد والجهات والدوائر الحكومية، إلا أنني أرى أنه لا يوجد التزام من البعض وهي فئة ليست بالقليلة وتُشَجّع بعضها البعض بمبدأ ” من أمن العقوبة أساء الأدب “، لذا أتمنى من الجهات المسؤولة بتشديد العقوبة في الأماكن العامة والتعميم على حراس الأمن بعدم السماح لهذه الفئة بدخول الأماكن العامة بلباسٍ غير لائق وخادش للحياء وإقرار المخالفات الفورية عليهم دون تردد أو تساهل للمحافظة على الذوق العام ومشاعر الآخرين.

ورسالتي في هذا المقال هي أننا شعوب عربية مسلمة نفتخر ونعتز بديننا الإسلامي الحنيف وبلباسنا الساتر المميز والمحتشم الذي يراعي شعور المسلمين، وأن هذا اللباس لا يدل على التَحَضّر والتَمَدّن بل على مدى التقليد الأعمى الذي وصل له البعض حتى من البالغين بكل أسف والذي قال عنه المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام ” لتركبُنَّ سَنَنَ من كان قبلَكُم حذْوُ القُذَّةِ بالقُذَّةِ. قالوا اليهودَ والنَّصارَى؟ قال: فمَن؟ وفي روايةٍ: فارسَ والرُّومَ؟ قال: ومَن النَّاسُ إلَّا هؤلاءِ”.

الراوي: أبو سعيد الخدري، المحدث: ابن كثير (ومعنى القُدّةِ بالقُدّة: هي ريشة السهم التي لابد أن تكون متساوية).