أوضح الشيخ الدكتور عبدالكريم بن عبدالله الخضير، عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء سابقا، الحكم في زوج هجر زوجته وهو معها ببيت واحد.

وتلقى الخضير سؤالا مفاده: “أسأل عن زوج هجر زوجته وهو معها في بيت واحد أكثر من ثلاثة أشهر، وقد سمعتُ أن من هجرها أكثر من أربعة أشهر كأنه طلقها والله أعلم، فهل هذا صحيح، علمًا بأن الزوجة في أمس الحاجة لزوجها إلا أنها تصبر من أجل أطفالها؟”.

وقال الخضير: “الواجب بين الزوجين العشرة بالمعروف {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، فالمرأة «عَوَان عندكم» كما جاء في الحديث، «واستوصوا بالنساء خيرًا»”.

وتابع: “فلا يجوز للزوج أن يحبسها في بيته ولا يعاشرها ولا ينفق عليها ولا يعاملها بالحسنى، وإنما إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، فلا يجوز له بحال أن يحوجها إلى غيره مع قدرته على ذلك”.

وأضاف: “أما ما أُشير إليه في السؤال من أنه هجرها ثلاثة أشهر فهذا لا يجوز إذا كان المراد بالهجر: الهجر بجميع أنواعه في الكلام وفي الفراش وغير ذلك، وأما بالنسبة إذا عاشرها بالمعروف وبقي مسألة الفراش فإنه يلزمه أن يكفيها بحيث لا تتطلع إلى غيره، ومن أهل العلم من يَحُدُّ ذلك بأربعة أشهر بناء على أن مدة التربص في الإيلاء أربعة أشهر، والإيلاء هو أن يحلف الزوج ألا يطأ زوجته، فيُنتظر مدة أربعة أشهر، فإن فاء ورجع وإلا تفسخ منه، هذا يسمونه الإيلاء {لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ . وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}”.

واستكمل: “المرأة لها نصيب من زوجها، ولها عليه حقوق، فلا يجوز له أن يؤذيها ولا أن يضيق عليها ولا أن يحوجها إلى غيره، فمتى ما احتاجت إلى نفقة أو احتاجت إلى كسوة أو احتاجت إلى سكن أو احتاجت إلى عِشرة لزمه أن يلبي جميع رغباتها وحاجاتها، فإذا استمر على هذا الهجر -وكأن المراد به الهجر في الفراش- أربعة أشهر فإن عاد إلى رشده ولبّى رغبتها وإلا فلها أن تفسخ النكاح من قبل القضاء، أما كونها تَطْلُق كما جاء في السؤال (أن من هجرها أكثر من أربعة أشهر كأنه طلقها) فهي لها أن تفسخ بعد أن تطلبه في القضاء، ولا تَطْلُق بمجرد ذلك”.