تطل علينا بعض الصحف أو بعض الوسائل الإخبارية صبحاً وعشية أن المشهورة(فلانة) رفضت العودة لزوجها الأول، وفي خبر آخر أن مشهورة أخرى أطلت بلباس جريء وكلمة جريء تمرير وتسهيل لمبدأ ليس من شيم العرب وأخلاقهم لا في الجاهلية ولا في الإسلام، وأخرى ظهرت بمظهر غير لائق مع مشهور، وأيضاً أخرى تتذمر من انتقاد النساء لها كونها جاذبة لقلوب أزواجهن ومفتونين بها، وخبر آخر مسرّب أن المشهورة(فلانة) على وشك عقد قرانها على مشهور وبعد فترة يتم نفيه بعد أن تشبعت الوسائل الإخبارية بالتصريحات والتكهنات حوله.

ومفاجأة أخرى أن مشهورة في القريب العاجل على موعد مع مولودها الأول، وفي خبر آخر أن مولوداً لنجمة مشهورة ولد قبل أوانه، ويتابع الجمهور تلك الأحداث بشغف وبفضول وكأن نساء الكرة الأرضية عن بكرة أبيهن عقيمات عدا الشهيرات.

فقد أصبح بعض المشاهير ذكوراً وإناثاً بلا خصوصية في ساحة مكشوفة ومسلّطة عليها الأضواء، ومبدأ (خالف تعرف) أصبح من الماضي وحلّ محله (خالف تشتهر وتربح) وتربح من ورائهم المؤسسات التجارية والإعلامية، هناك صخب إعلامي مكثف حول يوميات المشاهير، الزواجات، الطلاق، المواليد، صفقات الأعمال، اللقاءات، والتي ربما بعض زواجاتهم عبارة عن مشاريع تجارية وقتية ما إن يتم قبض الثمن يصدر الانفصال، أو عبارة عن تجربة استمتاع مؤقتة بعد نفاد متعتها يُعلن الانفصال، والانفصال هنا عبارة عن مشروع مربح لجميع الأطراف المتصارعة على الساحة.

العنصر الأساسي المحرك للمشاهير هو المال بأي شكل من الأشكال حتى وإن كان على حساب القيم والمبادئ، بل ويلهثون وراء حياة باذخة ظاهرها السعادة والرفاهية وباطنها لا يعلمها إلا الله ثم هُم، فلهم دور بائس بقلب المعايير الأسرية مما تسببوا بتزايد طلبات الزوجات والذرية للمصاريف لمواكبة حياة المشاهير وينتج عن ذلك عجز في موازين الأسر ومن ثمّ إغراق بالديون والنتيجة ضغوط نفسية تولّد الصدامات داخل الأسر وربما إلى تصدعات وانفصالات.

هناك من يعوّل على الإعلام ودوره بتسليط الضوء على المشاهير بإبرازهم وتلميع واقعهم لخداع متابعيهم من المراهقين وغيرهم، وهناك من يعوّل على المتابعين فلولاهم لما كان هناك مشاهير، فالمشاهير في نظر متابعيهم ناجحين وهناك الكثير من المتابعين والمتابعات من يحاول أن يعيش حياتهم رغم استحالة مواكبتهم في الإمكانيات.

سؤال يطرح نفسه على استحياء لماذا بعض القنوات الإعلامية تركز على الفنانين والفنانات والممثلين والممثلات، والمشاهير العديمي المحتوى؟! هل القصد منه فرضهم على الجمهور، أم هو – أي الإعلام – يركّز على ما يطلبه الجمهور؟ هناك مبدعين من علماء وأدباء ومخترعين ومفكرين تتجاهلهم الأضواء الإعلامية إلا من زوايا ضيّقة وباهتة.

سلوك الجماهير لا تعجبني ولا أعلم عن مصدر الخلل، أو أن المشكلة في فهمي لطبيعة سلوكهم، أنا متأكد أن فيهم من يرد عليّ الآن نحن نتابع ما يحلو لنا لا علاقة لك بنا (خلّك صامت)، وابحث عن المثاليين وتابعهم، أنا لست مع من يحشر نفسه في بوتقة المثالية طيلة حياته، فالإنسان بحاجة إلى التطوير والترفيه كحاجته للطعام والشراب ولكن وفق ضوابط معينة يعرفها القاصي والداني.