يعتبر التعليم هو المحرك الحقيقي لتطور الأمم البشرية، فكانت البداية حينما سخر الله سبحانه وتعالى  التعليم والتعلم  لسيدنا  ادم عليه السلام ليستطيع العيش والتكيف مع البيئة الجديدة وذلك  باستخدام  الوسائل التعليمية المناسبة وفق احداث مدروسة نتج عنها مهارات تعليمية ومنها على سبيل المثال بعث الله سبحانه وتعالى الغراب لتعليم الانسان كيفية دفن الميت كما ذُكر ذلك في القران الكريم سورة المائدة (31)” فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ ۚ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي ۖ فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ”  وتوالت جميع الشرائع السماوية على الاهتمام بالتعليم بأرسال الانبياء الى البشر ليعلموهم ويبينوا لهم عبادة الله وطريقة اعمار الأرض ، وهذا ظاهراً فكلما خبأ العلم وعم الجهل ارسل الله سبحانه وتعالى الرسل، واستمر ذلك حتى شاء الله ان تختم الرسالات السماوية الى البشرية ببعث خاتم الأنبياء رسولنا العظيم محمد بن عبدالله وشاء الله أيضا ان تكون أول كلمة لهذه الرسالة كلمة ”  أقرأ” وهذا امتداد لما قبله ومن نفس المصدر اذن هذا يسطر ملحمة التعليم والتعلم منذ بداية الخليقة.

أحببت ان ابدا مقالي بهذه المقدمة لتحريك العقول والتركيز على ان ما نعيشه اليوم من تطور في مجال الانترنت والمواصلات والكتابة وكل ما يتعلق بها من ورق وقلم وكذلك البناء والعمارة الهندسية والأدوية والعمليات الطبية المختلفة ونحوه هو في الحقيقة حصيلة بحوث علمية نتجت عن تعليم وتعلم.

وهذا يوصلنا الى نتيجة جدا هامة وهي ان التعليم يشكل أهمية قصوى للبشرية وليس مجال او حقل للتجارب كما ان التطوير والتغيير الغير مدروس في مجال التعليم ضرره متعدي ونتائجه كارثية ان لم يكن بشكل متزن بعيد عن التجارب التي قد تؤدى الى فقد شباب الوطن لمهارات التعلم وقد يتعدى ذلك الى ضآلة فرص التوظيف او القبول الجامعي وما قبل الجامعي.

وهذا يدعونا الى استعراض  تاريخ التطوير والتغيير في التعليم خلال الحقب الماضية في المملكة العربية السعودية (لمن لا يعلم):  فيتضح ما يلي : بدايةً ان المراحل التعليمية كانت تنتهي  باختبار الطالب للحصول على  الشهادة الابتدائية ثم المتوسطة ويختمها بشهادة الثانوية وكانت الأسئلة بطريقة مركزية من الوزارة لجميع المراحل ، تم الغاء شهادة الابتدائية أولاً ثم بعد سنوات الغيت شهادة الكفاءة المتوسطة وأخيرا تم الغاء شهادة الثانوية العامة وجعلت الأسئلة من المدرسة وكان سبب اتخاذ هذا القرار وكما قيل في حينه انها تسبب رعب وخوف وهلع للطلاب وتم استبدال ذلك بما يعرف اليوم اختبار القدرات واختبار التحصيلي وبالتالي الدرجة الموزونة، فولد ذلك خوف وهلعاً اكبر!؟ وحتى لا انس تم تطبيق تجربة الثانوية الشاملة وكذلك الثانوية المطورة هذا ناهيك عن تغيير الكتب وهذا يحدث ومستمر الى يومنا، ومن يرغب في معرفة الحقيقة فقط عليه دراسة التغييرات التي حدثت خلال السنوات الثلاثين الماضية.

واليوم واستمراراً لما قبله جاء دور الفصول الثلاث والتي لا افهم على ماذا بنيت، وهل درست بطريقة صحيحه وقدمت مصلحة الوطن والمواطن اما سوف نتفاجأ بعد سنوات من التطبيق انها تلغى مثلها مثل غيرها من التقييم المستمر او الثانويات المطورة ونحوه، لذلك ادعوا من يهمه الأمر رفقاً بأبنائنا وبناتنا ويكفي تطبيق التجارب الغير ناجحة والتي تؤدى الى نتائج عكسية سوف يدفع الوطن والمواطن ثمنها.

أخيرا: انا وغيري من الزملاء الكتّاب نكتب لأننا نعيش مع الناس ونتفهم معاناتهم ونسمع أصداء تطبيق هذه الأنظمة ولا يُفهم اننا ندعو للجمود وعدم التطوير ولكن أقول وبمنتهى الصراحة ” ان التغيير في التعليم وتطويره يحتاج الى جراح ماهر وان أي غلطة سوف يدفع الوطن والمواطن ثمنها على المدى المتوسط والبعيد”.