لا يقوى الإنسان في الحياة على هذه الأرض من دون أن يعاونه النّاس ويقفوا معه؛ فالإنسان ومنذ خلقه الله تعالى يسعى للاجتماع مع أخيه الإنسان والتّعاون معه في استثمار خيرات الأرض وتطويعها لخدمة البشريّة، فكلّ إنسانٍ خُلق له من الميّزات ما ليس للآخر، لذلك كان تسخير النّاس بعضها لبعض من أجل أن تسير عجلة الحياة وسفينتها تعبر عباب الصّعاب والتّحديات بكلّ قوّةٍ وعزيمة، قال تعالى: (و رفعنا بعضكم فوق بعضٍ درجات ليتّخذ بعضكم بعضا سخريّا).

ومن هذا المنطلق ناكد أهمية العمل ضمن فريق وفق معايير معينة وضوابط محددة لكي لا يحدث ما نراه اليوم من تراخي واهمال جوانب المنفعة، وفسر هذا السلوك عالم النفس (روبرت زاجونك) في نظرية التبطيل الاجتماعي أو ما يسمى بـ(Social Loafing) وهي ان الفرد يميل للاسترخاء والاندماج في الحشد المجموع اذا لم يكن هنالك من يراقب جهوده كفرد.

وقد بدأت دراسة «التبطيل الاجتماعي» في ثمانينيات القرن التاسع عشر بواسطة (ماكس رنجلمان) وهو مهندس زراعي فرنسي لاحظ أنه عندما قام فريق من الرجال بشد أحد الحبال (عمل بسيط) بذل كل منهم جهدًا أقل كفريق مقارنة بالجهد الذي يبذله عامل واحد عندما يكون بمفرده.

لكن هناك جانب اخر من السلوك وضعه العالم، نظرية «البراعة الاجتماعية Social facilitation» التي تقول ان الأشخاص يكون أداؤهم أفضل في الأعمال البسيطة عندما يكونون مع آخرين مما لو كانوا بمفردهم، لكن في حالة الأعمال المعقدة فإن أداءهم ينخفض بشدة.

لابد ان نوضح ماللذي قد يسبب التبطيل الاجتماعي ؟

قد يكون بسبب الاعتقاد بأن توزيع المسؤوليات على أعضاء الفريق بشكل غير عادل او متساوٍ مما يجعل بعض الأشخاص يحملون مسؤولية او جز كبير من العمل اكثر من غيرهم، أو عندما يرى الشخص بأن الأخرين كسولين في أداء أعمالهم قد يرغب في تحقيق الإنصاف لنفسه فيقوم بتقليل جهده المبذول، تشتت المسؤولية تفسير اخر لحدوث التبطيل الاجتماعي لأن نتائج المجموعة ومخرجاتها سواء كانت ناجحة او فاشلة لن تنسب لشخص واحد بعين ذاته، أيضا كون العلاقة بين جهد الشخص والإنتاج النهائي للمجموعة علاقة غير واضحة او محددة في هذه الحالة الأفراد يميلون ان يصبحوا عبئاً على المجموعة لا معها، ولاشك بانه سوف يكون هناك انخفاض في الكفاءة عندما يعتقد الأفراد ان مساهمتهم لا يمكن ان تقدر!

ولعلنا نحاول تجنب هذه الأسباب والتركيز على عوامل صناعة الفريق المؤثر، قبل أن يقوم المدير أو قائد الفريق بالتفكير في عمل فريق يجب أن يراعي عدة عوامل منها:

1- الثقة: أنت قائد لذلك يجب أن توزع الثقة بين أفراد فريقك وفي الكيان الذي ينتمون إليه ويجب ان تنتبه ان اخطر ما يهدد فريق العمل هو فقدان الثقة والتشكيك في قدرة الأفراد على القيام بمهامهم وواجباتهم ومدى استحقاقهم للانتماء إلي الفريق، ان الفريق الناجح تنتشر الثقة بين أعضائه ويجب أن يؤمنوا أنهم سوف يحققون أهدافهم إذا ساعدوا بعضهم وعملوا كفريق متماسك.

2 – اعط لكل فرد حقه من الاهتمام والتقدير، القائد الفعال يجب أن يعرف إن الفطرة الإنسانية تبحث دائما عمن يهتم بها، لذلك القائد لا بهمل أبدا التقدير والاهتمام بأعضاء الفريق بلا استثناء وليس هذا وحسب بل يجب عليه أن يحث أفراد الفريق أن يهتم بعضهم ببعض.

3- الانضباط التام لان فريق العمل لن ينجح في مهمته إلا إذا كان لدى أعضائه الرغبة الحقيقة في العمل وإنهاؤه، ولابد من توضيح الهدف من تجمع الفريق ومهمة كل عضو فيه وشرح أسباب اختيارهم ومحاولة معالجة أي تحفظات تكون لدى البعض.

4- الإيمان بأهمية التعاون ووضع اليد في اليد يمكننا أن ننجز الكثير، ويجب أن يؤمن فريق العمل بهذا الأمر، ويجب أن يعوا جميعا أن مصلحة الفريق أهم من مصلحة الفرد وان النجاح الجماعي هو الغاية والهدف.

فعندما يعي أفراد الفريق هذه الأدوات الأربع، وعندما تصبح هذه العوامل جزء لا يتجزأ من حياتهم فإنهم سوف يكونون أقوى وأكثر فاعلية .

(إنجازات المنظمة هي نتائج جهد مشترك لكل فرد فيها) فينس لومباردي

*المصادر:

– ( العمل الجماعي) للمرحوم الدكتور ابراهيم الفقي.

– ( organizational behavior ) Stephen T. Robbins & Timothy A. Judge & Elham S. Hasham