في مكان ليس بالبعيد عنا.. وعلى مقربة من هنا.. (حيث أكون وحيث تكون)! ..
وفي أروقة احدى الإدارات الخدمية تدور احداث وفصول مسرحية (المهزلة) الطويلة .. !

هي فعلا من الاعمال المسرحية النادرة لانها تمرج بين طابعين عالميين في وقت واحد مع انها ذات هوية محلية!.
فهي تأخذ طابعا “مكسيكيا” قي طول الرواية وتشعب الاحداث والمشاهد كما تتمتع بالطابع الهندي الذي يجاوز في الأسطورة و الخيال حدود المحال والخرافة والمعجزات !

ويأتي تقمص أدوار (المهزلة) مجسدا ، بشخصيات محلية وعربية (مقيمون ومواطنون) والعجيب أن هناك  انسجام غير عادي بين شخصيات وأبطال العمل.. وحتى مع ضيوف الشرف المشاركين من القطاعات الخاصة والجهات الرقابية فهم أيضا يؤدون ادوارهم بتناغم فريد من نوعه !
وهذا ما لفت نظر “النقاد” والباحثين وأثار دهشتهم!  وقد عزى بعضهم هذا التناغم والانسجام (المنضبطين) إلى وحدة الغاية والهدف  وأيضا وحدة المنبع في التلقي للدروس والخبرات والتدريب  بمنتدى فساد وعبث وانحراف موحد ومتعجرف ..!
ومنه خرج هوامير التسلط والتعسف حيث يقوم على دعم شراكات متجذرة بين أطياف واطراف الفساد وداعميه من  اصحاب النفوذ والصلاحيات المالية والإدارية من جهة وبين هوامير المال وملاك الشركات والمقاولات والمؤسسات الخاصة والتجارية من جهة أخرى.. ومن ثم تحاط هذه الشراكات بسياج من عتاولة السلطة وأرباب الحل والعقد وأهل الأوامر والنواهي وفئام    من المعنيين غالبا بالردع والزجر الرقابي والاداري ..!
وتأتي أهمية هذا السياج في الوقاية وتأمين الحماية لاعضاء وافراد عصابات الفساد والتعسف والسطو والاختلاس وكافة اصناف المهازل والعبث !
وفي هذا ضمان لنجاح العمليات وديمومة لأنشطة هذا “التكتل” الضارب في القوة والصلف!. 
ولهذا لا يعجز هؤلاء في انجاز اصعب مهمات الفساد ، ولا يخفقون في أي عملية !!.. سواءا كانت مئوية الآلوف او مليونية الريالات او حتى إضعاف ذلك .!. طالما قد تم الإتفاق على توزيع الأدوار والمغانم والحصص في عمل جماعي منسجم ومتسق !
وهذا هو الضابط والمعيار المعتمد للشروع في أي مفسدة بعد اقرارها وتوزيع مهامها على أطراف الشراكة وسياجهم المنيع من ذوي النفوذ والسلطة ومن يحوطهم بالحماية، ويذلل سبلهم الوعرة ويشق لهم الأنفاق والسراديب في جبال وحواجز النظام (الفولاذية) قبل (الرخوة) منها والرقيقة !

لهذا.. سواءا طالت مشاهد المسرحية او قصرت فلا فرق ولا ارتياب ، مادامت أجواء المهازل آمنة ، وعصية على الإختراق، نائية عن بصر ومسمع الرقيب البشري المؤتمن (وهذا هو ما يخشاه كل أبطال الروابة ويعملون على تغييبه وحجبه عن ساحة العمل ومنعه من الوصول الى مسارح الفساد ودور عرض المهزلة) !

وها انا منذ عامين في دار عرض تلك المفسدة التي تعج بالنجوم والابطال وجمع الفسدة، وحتى اليوم لم تنته فصولها ولا يزال العرض مستمرا في صلف وقح غريب، وبعيدا عن أعين المسؤول المؤتمن، ومسالك السلطة و الرقابة، وفي ظل “غيبوبة” النزاهة وفقدان وعي “المكافحة”!
على الرغم من هبوط و وجرأة العمل وحقارته ، وبرغم “سفاهة” الأدوار ودناءة الإخراج و “بياخة” المشاهد !