امرأة جاءت من أقصى الجنوب، من قرية نائية تتوسد شريط الحدود، لم تقرأ في كتب التاريخ، ولم تستمع إلى تراجم السير، ولكنها تملك قلبا أبيض ناصعا امتلأ بالإخلاص ، وأترع بحب فطري للدين ثم المليك والوطن، رعت الغنم، وردت بغربها الماء، ولسعت يديها ألسنة نار الأثافي،وأثرت في جلدها أشعة الشمس، ووخز البرد

افترشت التراب، واستظلت السحاب، أنجبت السيوف والرماح،وأخرجت من مدرسة حبها وولائها وطهرها المعلمين والمدراء والمشرفين، فقدت زوجها فواصلت عزف تربيتها المنفرد لفلذات كبدها، لم تمدد يدها لغير خالقها، ولم تعول في نصرتها على قريب برغم تلمسه حاجتها، ولا على بعيد لم يدر عن حالتها،ولم تنتظر قنوات التلفاز أو مندوبي الإذاعة والذين تواروا عنها جريا خلف قنافذ الملاعب ، وجرذان الموضة،وسيدات المال والتجميل!!

(زايدة بنت يحيى حسن المالكي) والتي أتشرف بالكتابة عنها فقدت أبا أما أخا زوجا ابنا ابنين ثلاثة، لم يتغير طبعها البشوش، لم يخنع لها جنان،لا ولم ترخ لعينها حبل الرسن،بل دكت معاقل الجهل بنور إيمانها،ومضت تدوس بقدمها الحافية تفاصيل مرارة وانكسارات المعاناة،آمنت بالقدر، وسلمت بالأمر،آخر ما أصابها من أوصاب الحياة فقدها ابنها الشاب:(علي بن محمد موسى الريثي) يرحمه الله،والذي قضى شهيد دين ووطن في جبهة القتال ضد أذيال الملالي(حوث بوث)،وارته (زايدة) مع المحبين والمخلصين الثرى ،والتفت لأبنائه لتر بيهم امتدادا لموشحاتها الخالدة وما كاد جرحها يبرى حتى أتاها قبل ليلتين خبر إصابة ابنها:( عبدالله محمد موسى الريثي)وفي جبهة الشرف بالغة وهو الآن بين الحياة والموت ويحتاج دعاء كل محب وعاشق للدين ثم لتراب هذا الوطن الذي عفره بزاكي دمه.

أسأل الله له الشفاء العاجل، وأناشد الجميع مواصلة الدعاء بظهر الغيب له ولكل مصابي الوطن كما أتوجه ومعي أفئدة أبناء هذا الوطن الغالي إلى خنساء عصرنا الغالية(زايدة)والتي تحب هكذا نداء وبدون همزة(زائدة)تخفيفا وبعدا عن التكلف ،

وإلى أخيها الغالي الشيخ:(هادي بن يحيى حسن المالكي) وإلى آلهما وذويهما شاكرا ما قدموا للوطن ويقدمون،وداعيا لقيادتنا ووطنا ساكنا وسكنا بالعز والتمكين ، والنصر المبين.