قراءة التاريخ والنبش في ذاكرته المثقلة بالمعلومات واستقصاء الحقائق تحتاج إلى شخص مبصر يملك القدرة على التوغل في دهاليزه ودروبه، كما أن سرد تلك الحقائق يحتاج إلى الأمانة في التناول والطرح بعيداً عن الأهواء والميول حتى يظل تاريخنا الرياضي ولجميع الأندية ناصعاً خالياً من الشوائب. ولأن هناك محاولة من البعض – وهم قلة – التقليل من منجز الأهلي بعد عودته إلى ساحة بطولات الدوري تحديدا، لأنه لم يغب منجزه عن بقية البطولات وهي العودة المظفرة التي أزعجت البعض بعد غياب قسري فرضته ظروف قاهرة ومتعددة أبعدته عن منصات الأبطال، لكنه ظل داخل المنافسة، والجميع على دراية وملمون بتلك الأسباب التي غيبت الأهلي عن ممرات الذهب ومنصات الأبطال, وبالأخص بطولة الدوري. هذا الإنجاز تحقق بعد توفيق الله عز وجل أولا، بتظافر الجهود وهمة رجال القلعة وفي طليعتهم دائما الرمز “الخالد” الذي ضحى بالكثير والكثير وقدم الغالي والنفيس في سبيل أن يحافظ الأهلي على موقعه الريادي والبطولي في ساحة لا تعترف إلا بالكبار والأبطال فقط، سمو الأمير خالد بن عبدالله بن عبدالعزيز، رجل المرحلة وكل المراحل، وهو الرمز التاريخي في الأهلي بعد سمو الأمير عبدالله الفيصل رائد الرياضة السعودية رحمه الله، وسمو الأمير خالد بن عبدالله لم يقفز إلى المشهد الرياضي باسمه أو مكانته الاجتماعية أو ماله فهو اللاعب الذي مثل الأهلي، وهو المشجع العاشق الوفي، وهو الإداري المحترف المحنك وهو الداعم الاستثنائي والخلاق وصاحب الأولويات المتفردة والتاريخ الناصع، ويكاد يكون هو الوحيد في الوسط الرياضي طوال مسيرة عمرها يناهز الخمسين عاما الذي كسب محبة واحترام المنافسين قبل المناصرين.

ما عاشه ويعيشه الأهلي حاليا من واقع مزدهر، هو بفضل هذا الرجل “البصمة” الذي صنع حاضر الأهلي قبل أعوام من خلال المشروع “الحلم” الأكاديميه واليوم يرسم مستقبل الكرة السعوديه من خلال الأهلي.

عودة الأهلي بهذه القوة إلى مضمار السباق وتصدر المشهد له انعكاساته الإيجابية على الكرة السعودية بشكل عام بصفته – على صعيد كرة القدم – أحد أهم وأكبر ممولي المنتخبات السعودية عبر تاريخها بالنجوم ناهيك، عما يمثله الأهلي كمؤسسة رياضية متكاملة ذات منهج وخطط استراتيجية تساهم في بناء المجتمع عبر أحد أهم العناصر وهم الشباب عماد الأوطان وأداة بنائه وتطوره، وعندما يكون الأهلي في كامل عافيته فهذا مؤشر إيجابي للرياضة السعودية بشكل عام، هكذا علمنا التاريخ أن الأهلي هو الرافد الأول والمعين الذي لا ينضب والذي شكل في كل العصور تركيبة المنتخبات الوطنية.

الأهلي استحق الدوري عطفا على ما قدمه من عمل من الموسم الماضي وإن صادفه سوء الطالع في الأمتار الأخيرة وهذا الموسم فرض الواقع نفسه وعبر الأهلي إلى منصات التتويح بعد مشوار حافل بالانتصارات ومستويات باهرة أشاد بها الجميع وهذه البطولة المستحقة هي خطوة في مشوار الألف ميل، وعلى “أهلي” في الأهلي المحافظة على كل المكتسبات حتى يستمر الأهلي في المسار الصحيح ويظل في القمة.

شكرا مجددا لرمز الأهلي الخالد ولإدراته الشابة بقيادة الأستاذ مساعد الزويهري والطاقم الفني بقيادة “الداهية” كريستيان غروس والإداري بقيادة رجل نقطة التحول “الخبير” طارق كيال ولنجوم الفريق جميعا وفي مقدمتهم قائدهم التاريخي الخلوق المخلص تيسير الجاسم ولمجانين الأهلي وجمهوره العظيم في كل مكان.

وختاما شكرا لجريدة الرياض الغراء وللزميل العزيز فياض الشمري على هذا الملحق الخاص بالأهلي لاسيما وهي من يعتني ويهتم بتاريخنا الرياضي عبر ما يقدمه المؤرخ الزميل فهد الدوس أسبوعيا وعلى طريق الذهب ومنصات البطولة نلتقي دائما وأبدا بإذن الله.