من يتأمل جمال طبيعة المنطقة الجنوبية ( السراة ) هذه الأيام يُفتن بجمال قمم الجبال و السهول والوهاد ..
جمال يُغريك بأن تُلغي حجوزاتك خارج البلاد لهذا العام وأن تتلذذ بجمال الطبيعة واعتدال الجو .

والحقيقة أن منطقتنا عندما تهمي عليها السحب تتحول لجنان مُُْدْهامّة ، هذه الأيام عادت البسمة  على محياها ، تسمع خرير الماء وتغريد العصافير ، لقد عادت الطيور المهاجرة التي هجرتنا منذ عشرات السنين … الآن تعزف أجمل الألحان في عذوبة تأسرك وتعيد لنا الماضي الجميل وأيام الطفولة البريئة !

اليوم وعلى مدار شهرين سابقة نشاهد الشلالات والجداول وشذا الطبيعة امتزج فيها الزهر والعشب والنباتات العطرية التي أحياها الله بعد موتها ..

 على ضفاف الأودية وسفوح الجبال تسكن نفسك وتشعر باسترخاء يرمم كل همومك وآلامك !

ومع كل هذه الأمور الباعثة على الأنس والسعادة يعتصر قلبك ألماً ما تشاهده من عبث العابثين بهذه الطبيعة البكر ، من رمي للمخلّفات والقاذورات ، وكفر للنعمة، وإفساد لهذا الجمال الرباني .

 والأخطر من ذلك هو تربية الأطفال على هذه العبثية وغرس قيم الإفساد بشكل مباشر ، أوالتغافل عن كل ما تصنعه بعض الأُسر من تشويه للطبيعة خلال فترة تنزهها في المتنزهات .

 إنني أدعو أحبتنا أن نرفع شعاراً ( أترك المكان أفضل مما كان ) …

اليوم لكَ هذا الموقع وغداً لإخوانك وجيرانك وأقاربك ، لماذا نعبث بمقدّراتنا ، وكأننا نحارب كل شئ جميل .

قُدّر لي أن أزور سنغافوره العام الماضي ، ما أجمل شوارعاها وحدائقها !! .

  لكن في سنغافوره عقوبة من يرمي النفايات في الشارع  هي: أن يرتدي لباس “عمال النظافة” وينظف الشارع بالكامل !

يجب أن نحترم الحقوق العامة التي أشترك فيها معك ويشترك معك غيرك ، وليست حقا لك وحدك .

 ولنعلم جميعا أنه سبحانه أوجد بين الإنسان والبيئة المحيطة به ترابطا ،لا يمكن التخلي عنه ودعاه لحمايتها وإعمارها، ونهاه عن العدوان عليها ، قال تعالي:{وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمةَ اللَّهِ  قَرِيبٌ  مِّنَ  المُحْسِنِينَ} .

 كما أن رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم طالبنا بإماطة الأذى عن الطريق ، والأذى يشمل بالضرورة كل أنواع الأذى، وجعل إماطة الأذى من الإيمان كما روي الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ” الإيمان بضع وستون شعبة أعلاها لا إله إلا الله  وأدناها إماطة الأذى عن الطريق” .

ولا شك أن البلديات شريكة في مثل هذه الصورة المؤسفة ، فقد يجد السائح مشقة في إيصال النفايات للمواقع المخصصة لها ، لبعدها أو انعدامها ، فيغريه عدم وجودها لترك فساده شاهداً عليه وعلى ضحالة فكره ووعيه .