يتقدم العلم مع تقدم الزمن، حيث يفرض العقل نفسه على العلوم المختلفة، وفي مختلف المجالات يظل اهتمام الإنسان منصبًا أولًا وأخيرًا على الطب، ذلك كونه يمس صحته مباشرة

ومع تقدم العلم الا ان يستغل كثير من الدجالين حاجة الناس المادية التي لا تسمح لهم بالتوجه إلى المراكز الطبية المعتمدة للعلاج ، أو إصابتهم بمرض مستعص أو حالة عقم، أو خرافاتهم التي تتعلق بالحسد والسحر والجن.

وشهد الطب في العقود الأخيرة تطورًا هائلاً خاص مع التقدم التكنولوجي، الذي أفسح المجال لاكتشاف الإنسان أكثر ولفرص علاج أكبر لأمراض مختلفة ومستعصية.

وبرغم هذا التقدم المطرد، فعلى جانب آخر ما تزال الكثير من العلاجات الروحانية شائعة، خاصة في البلدان الأكثر فقرًا وإيمانًا بالخرافات.

والكثيرون لايميزون بين العلم والروحانيات، وبين “معتقدات وثنية” تختلط مع الغيبيات والإيمان، وتستغل سذاجة الناس والجهل وكذلك فقرهم.

ويقوم كثير من الدجالين بإستغلال حاجة الناس اليائسة لعلاج ما لمرض مستعص أو حالة عقم، أو خرافاتهم التي تتعلق بالحسد والسحر والجن، إضافة إلى استغلال حاجتهم المادية التي لا تسمح لهم بالتوجه إلى المراكز الطبية المعتمدة للعلاج، ما يجعلهم يندفعون نحو الطرق الرخيصة في محاولة الحصول على النتيجة المرجوّة.

ما الذي دفع خرافة الروحانيات للصمود طوال هذه القرون رغم التقدم العلمي للبشرية!هذا السؤال يفرض نفسه لدى كل شخص

الوهم النفسي ونقص الخدمات الطبية

قال هاشم بحري أستاذ الطب النفسي في جامعة الأزهر، اللجوء لإعلانات الطب الروحاني أو الشعبي “أمر كارثي”، لافتًا إلى أنّ عدم الوعي الكافي حال دون الاعتقاد بخرافية تلك الأعمال، لافتًا إلى أن جميع الأمراض التي يتعرض لها الإنسان ولايوجد لها سبب عضوي تعود للشق النفسي ولا دخل للسحر أو الجان كما يروّج هؤلاء الشيوخ.

وارجع بحري السبب هو الجهل وغياب الثقافة مسؤولية انتشار هذه الظاهرة بين المواطنين، مشيرًا إلى انتشار هذه الخرفات في الطبقات الأكثر جهلًا ويقل تدريجيًا بين الطبقات المثقفة.

وأكد أستاذ الطب النفسي سببًا آخر لانتشار مثل هذه الخرفات يتمثل في نقص الخدمات الطبية بالمستشفيات، ما دفع قطاعًا كبيرًا للجوء إليها عبر الفضاء التلفزيوني، خاصة في ظل هجرة أطباء عرب لبلاد غربية بحثًا عن إمكانيات مادية لا توفرها لهم بلدانهم؛ مما أدى إلى افتقاد خبراتهم وقدرتهم علي نشر الوعي السليم والعلاج الصحيح بين المرضي.

ووصف بحري عملية مس الإنسان بالجن “خرافة”، لافتًا إلى أنّ الطب النفسي يلجأ في بعض الأحيان إلى العلاج بالقرآن للعب على الجانب النفسي وتهدئة المريض؛ مطالبًا بزيادة الوعي والتحذير من “دجالين يبتزون زبائنهم ويستغلونهم جنسيًا”، على حد تعبيره.

فيما اعتبر العالم الأزهري الشيخ سعيد عامر تلك الإعلانات التي تدّعي العلاج بالروحانيات بـ”حرام شرعًا”، لافتًا إلى أن الإعلانات التى انتشرت مؤخرًا على الفضائيات لعلاج الجن وفك السحر والشعوذة، “ضلال وخرافات لا تمت للشرع بصلة”.

واوضح عامر ، إلى اعتراف الدين الإسلامي بوجود السحر، شدّد على أن العلاج الوحيد لها هو القرآن والتعبد والكفر بالمنجمين والدجالين.

ومن جانبه قال إبراهيم رضا أحد علماء الأزهر الشريف، إن الدجل والشعوذة “أمر مرفوض شرعًا” كما أنه يرجع للبعد عن الدين والانغماس في الحياة الدنيا والشهوات.

وأضاف انّ الفقهاء لهم تفسيران حول إمكانية مسّ الجن للإنسان منهم مؤيدون وآخرون معارضون، إلا أنهم يتفقون على معارضتهم للدجل والدجالين والطريقة الوحيدة لمواجهة هذا الأمر بقراءة القران والتقرب من الله والدين بشكل صحيح.

واضاف ممدوح الهادي، مدير إدارة العلاج الحر بوزارة الصحة المصرية، إنّ الوزارة أحالت عددًا من البلاغات والمخالفات إلى النيابة العامة لتباشر التحقيق في إعلانات عبر عدد من الفضائيات عن أدوية غير مرخصة، وإعلانات العلاج بالروحنيات التي وصفها بـ”الأكذوبة”.

وأشار الهادي في تصريحات لإرم نيوز إلى أنّ وزارة الصحة خاطبت مؤسسات إعلامية وصحفية للتحذير من الإعلانات الخرافية التي تتضمن أنواع أدوية غير مرخصة وغير خاضعة لرقابة وزارة الصحة، مشددًا على أنّ السلطات المصرية “لا تتهاون مع المروجين لأوهام علاجية”.

دجالون تحت مسميات مختلفة

ليست وحدها الإعلانات الترويجية للطب الروحاني على شاشات التلفزة من صارت تلقى رواجًا، فحتى من يدّعون علم الأبراج، يلقون ترحيبًا متواصلًا ومقابلات خاصة، بل وتؤخذ تنبؤاتهم بجدية، ولهم ما ليس للعلماء من حفاوة وشهرة.

وتحاول القنوات أيضًا، ليس فقط الحصول على تنبؤاتهم، بل تأكيد حدوثها، من خلال محاولة مزامنة أحداث مع كلامهم، ويكثر هؤلاء الدجالون على القنوات، الذين يبيعون أوهامًا لا أسس علمية لها، مثل ماغي فرح، وجمانة وهبي، ونجلاء قباني ومحمد فرعون..الخ، في قائمة أسماء تطول، وغالبًا ما تظهر هذه الأسماء فجأة لأغراض مشبوهة وبعيدة تمامًا عن المعطيات العلمية والعقلية.