إنه الليل الذي بدأ يزحف ويسدل ظلمته على الكون. لليل في ذاكرتي قصص لا تنسى وذكريات تقبع في داخلي، ليلٌ وسماء ونجوم وسكون.

الليل عند الكثير من الناس هو مصدر للراحة بعد يوم طويل وشاق. الأغلب يخلد به إلى النوم والاستكنان، أما أنا فإنني أراه مصدرًا آخر للإلهام؛ فقد عشت تفاصيل الليل بكل لحظاته وعلى مدار سنوات طويلة كانت المعاناة الحقيقية بالنسبة لي تتمخض وتولد في أوقات الليل.

كان الدمع هو نديم ليلي الذي يباغتني كلما خلوت إلى نفسي وأنست وحدتي. هكذا كان الليل دائمًا مترفًا بالهدوء والذكريات والألم الذي لازمني طويلا.

حينما ألتحف وحدتي تلفني ذكريات وجوه وأحداث لم يتمكن غبار النسيان من محوها من مخيلتي، أرواحهم تحيط بي وأشعر بأنها تلازمني أينما أكون، يلفني الحزن ويعتريني الذبول عندما أتفقدهم ولا أجدهم.

أجدني قابعة في زاوية ذلك المساء البارد وأمامي كوب الشاي الذي تتصاعد منه أبخرة الحنين الحياة بلا شك مسرحٌ كبير للغاية، وفصول متعددة وأوجه مختلفة. فتارة ترينا الوجه الجميل لها وتارة أخرى ترينا الوجه البشع.

ومن تلك الأوجه للحياة تعلمت أنه مهما أخذتنا الحياة في دوّامتها أو دروبها المتعرجة والمتشعبة والمليئة بالعراقيل، فإننا حتمًا لا بد أن نواجه ذلك ونحاول بكل جهد حل ما استصعب منها، ولكن المؤكد أن بعد الحل لا بد من ظهور صعوبات أكثر من سابقاتها، وهذا هو حال الدنيا بعد الفرج، لا بد أيضا من العسر والعكس صحيح. هذه هي طبيعة الحياة المتقلبة وحقيقتها، الحقيقة التي يسودها التقلب المستمر: الفرح، الحزن، البكاء، الألم، النجاح الإخفاق، الصمود والكثير من الحقائق التي نجهلها.

باختصار، دائمًا أجدني كثيرًا في نص روبي كور وهي تقول:

‏”لم أَعرف يومًا ماذا تعني حياة متوازنة، فأنا حين أحزن لا أبكي بل أنهمر، وحين أفرح لا أبتسم بل أشع، وعندما يُكسر قلبي لا أحزن بل أتشظى”.

روبي كور اكتشفت القاعدة المهمة الوحيدة في الحياة: سر البقاء هو أن لا شيء مهم اجعل هذه قاعدتك وستهون كل الأمور.