ونقصد بالحياة هي حياة الإنسان والتي تعني الفترة التي يعيشها الإنسان منذ ولادته إلى لحظة وفاته وإنقطاعه عن فاعليته وإثبات وجوده على وجه الأرض، وكي نستمتع بحياتنا لابد أولا من معرفة الهدف الرئيسي من وجودنا في هذه الحياة، ونحن جميعا نعلم أن الله خلقنا من أجل عبادته عز وجل لقوله تعالى ” وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ “.

لذا تجد كثير من الناس يعيشون حياة الكدر والضنك والحزن والهم والقلق لأنهم بحثوا عن السعادة في الشهرة أو المال أو الجاه أو التسلط على الآخرين فوجدوا الشقاء رغم وجود الإجابة في قول الله تعالى في سورة طه ” وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ” الآية 124 – وهنا تتضح لنا أول خطوة في الاستمتاع بالحياة وهي عبادة الله عز وجل وذكره كما قال الله تعالى ” ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ ٱللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ ” سورة الرعد -28 .

وأما الخطوة التالية من الاستمتاع بالحياة هي المعاملة الدنيوية التي هي جزء من حياتنا وسوف نركز عليها بعدة طرق مهمة ونختار الأهم للوصول إلى أفضل الطرق للاستمتاع بالحياة وهي كالآتي:
1- حب الناس والمجتمع: الإنسان هو جزء من المجتمع وفرد فيه ولابد من أن يكون عضوا فعالا في المجتمع بالحب والعطاء والتعاون والرحمة والتطوع التي تجعل منه شخصا جذابا لمن حوله وجديرا بالاحترام والتقدير التي هي منبع للإحساس بالسعادة وزيادة العطاء والشعور بالفخر والتأثير في المجتمع بالإيجاب.
2- ترسيخ القناعات الإيجابية: القناعة هي الشعور بالتأكد واليقين فإذا كانت تمنحك القوة فهي إيجابية وإذا كانت تسلبك القوة فهي سلبية لذلك لابد من ترسيخ القناعات التي تدعم قوتنا للعمل والطموح والحب والتعاون والتحدي والتفاؤل من أجل النجاح والتقدم كنوع من الاستمتاع بالحياة بهذه القناعة الإيجابية.
3- وضع الحياة في اليد لا في القلب: بما أن الحياة زائلة وبقاؤنا فيها مؤقت فلا بد من التعامل مع مادياتها ومتعتها وملهياتها على هذا الأساس لأن الإنسان مهما امتلك فيها من متعة أو مال فهو زائل مع الموت، فلنجعل هذه المكتسبات سبيلا للسعادة والعطاء لمن هم حولنا وكسب محبتهم والحرص على مساعدتهم ومشاركتهم أفراحهم وأحزانهم وقضاء حوائجهم قدر المستطاع للوصول لمتعة الحياة.
4- الراحة والصحة الجسدية: الغرق في المسؤوليات مثل الدراسة والعمل والأعمال الخاصة ومواكبة سرعة العصر الحديث ورعاية الأسرة تصعب من الراحة الجسدية، لذلك لابد من تخصيص وقت للراحة والتعافي والبعد عن ضغوطات الحياة والتوتر المزمن والقلق بالحصول على إجازات من العمل أو السفر أو الرحلات الدينية (العمرة والحج) أو رحلات الأصدقاء وزملاء العمل وغير ذلك من وسائل الراحة التي يراها الإنسان مناسبة له.
5- ممارسة التمارين الرياضية: تؤثر التمارين الرياضية المنتظمة في إطلاق هرمون الإندروفين في الجسم لنقل رسائل للعقل تترجم لمشاعر وطاقة إيجابية وتعزز من قوة الجهاز المناعي وتقضي على مشاعر الوحدة والاكتئاب والقلق، هذا بالإضافة إلى دورها في تقوية الجسم وحمايته من الأمراض (بفضل الله) والتخلص من السموم والأملاح التي في الجسم مما يجعل الإنسان يستمتع بحياة سليمة وخالية من المتاعب.
6- تقبل النفس كما خلقها الله: الرضا هو قمة السعادة، وكلما زاد وعينا الذاتي وقبولنا لذاتنا كنا أكثر سعادة بالحياة لذلك لابد من التركيز على التعاطف مع النفس وعدم القلق وقبولها كما خلقها الله مع معرفة نقاط القوة وتعزيزها وتغيير نقاط الضعف وتحسينها لأن الشخص هو الوحيد القادر على تغيير حياته بقناعات نفسه لتحقيق السعادة والرضا.
7- أعمال الخير التطوعية: الأعمال الخيرية لها تأثير عميق في حياة الإنسان وتشعره بقيمته الإنسانية في المجتمع، ومتعة مساعدة المحتاجين وقضاء حوائج الناس هي قمة الفرح والسعادة في النفوس هذا بالإضافة إلى خلق الطاقة الإيجابية داخل النفس والقضاء على الطاقة السلبية.
8- التوازن في الحياة: كي نستمتع بالحياة لابد من إعطاء كل شيء حقه ووقته، وموازنة حياتنا بشكل طبيعي وعادل كالموازنة بين الحياة الاجتماعية والحياة العملية والنشاطات والممارسات اليومية بحيث لا يطغى جانب على آخر.
9- إشغال وقت الفراغ: هو قتل للفراغ وقضاء على الهموم والشعور باليأس والإحباط وذلك بالقراءة ، تعلم مهارات جديدة ، مجالسة الصالحين ، التمتع بالنزهات العائلية ، زيارة الأهل والأقارب وصلة الرحم ، الاجتماع مع الأصدقاء والأحباب وغيرها من الممارسات التي يرى الإنسان فيها قضاء لوقت فراغه والاستفادة منه.

وختاما هناك طرق كثيرة للإستمتاع بالحياة ولكن الإنسان هو أكثر شخص يمكنه معرفة كيفية إسعاد نفسه والإستمتاع بحياته تبعا لإمكاناته وظروفه وقدرته سواء المادية أو الجسدية أو الاجتماعية ، والموفق هو من يستطيع التغلب على معوقات الحياة ، فالسعادة في الحياة تتمثل في تجاوز الصعاب وتحقيق النجاحات المطلوبة بالتخطيط والتنظيم والمثابرة على برامج يومية أو شهرية أو سنوية والالتزام بها لاستمرار النجاح والتميز والشعور بالسعادة المطلقة.

قال الحطيئة (شاعر مخضرم أدرك الجاهلية وعصر الإسلام):
وَلَستُ أَرى السَعادَةَ جَمعَ مال َ
                                              ولَكِنَّ التَقيَّ هُوَ السَعيد
وَتَقوى اللَهِ خَيرُ الزادِ ذُخرًا َ
                                            وعِندَ الله للأَتقى مَزيدُ
وَما لا بُدَّ أَن يَأَتي قَريب َ
                                           ولَكِنَّ الَّذي يَمضي بَعيدُ