ألمت بي وعكة صحية مفاجئة قبل عدة أيام قبيل الفجر أيقظتني من نومي، شعرت خلالها بإحساس غير محدد بالانزعاج، يدل على خلل بالتوازن الجسدي، ودوار شديد شعرت بأن حيطان الحجرة تتأرجح بي وكأن الأرض قد انسحبت من تحت أقدامي وكان جسمي عير مستقر.

انتابني خلال ذلك، شعورٌ بالضياع عندما أحسست بأني فقدت قدرتي على حركتي الطبيعية. كل شيء يهتز أمامي بشدة ولم أعد قادرة على موازنة خطواتي. لا أدري ما كان ذلك العارض، لكن ما أذكره أن ما ألم بي قد أحكم قبضته علي، وطفأ نور نشاطي الذي كان يدب في نفسي، وحل محلهما الإعياء والترنح والضعف.

استدعى الامر نقلي إلى المستشفى على وجه السرعة، وكنت طوال الطريق وأنا في عالم غير العالم، وعندما وضعوني على النقالة وأدخلوني غرفة الطوارئ، شعرت حينها بوخز الإبر والمحاليل التي بدت تسري بعروقي وأنا لا زلت مستلقية لا أقوى على الحراك. بقيت هكذا على هذا الوضع حتى بعدما غادرت المستشفى، فقط مستلقية على فراشي الذي كنت لا أقوى على مفارقته لحظة.

كانت نظرات الشفقة ترتسم على ملامح أسرتي وهم ينظرون إلي ويرونني بتلك الحالة، شاحبة الوجه عاجزة على الالتفات أو الحركة استمرذلك الوضع معي عدة أيام. ألا يا ضعف الإنسان!

لكن دوام الحال من المحال، فمن بإذنه أصبت بتلك الوعكة شاء أيضًا أن يأخذ بيدي ويرفع عني الضر بحوله وقوته، وأن يرزقني الشفاء حتى ولو بشكل بسيط. فبعد أن استسلمت لقوة الداء الذي أسرني لفترة؛ عادت نسمات روحي تدب بها الحياة من جديد بفضل من الله ومنة منه وحده، وشاء الله أن أنجو من قبضة المرض بسلام، فكل الحمد والشكر لله.

إنها تجربة لا أستطيع أن احكيها على الملأ بكل تفاصيلها، ولكن الذي أود أن أقوله من خلال ذلك الاختبار الذي وضعني به خالقي.
إننا نعيش بالكثير من النعم التي نغفل عنها ولا نشعر بها، وفي بعض الأحيان لا نقدر قيمتها ومقدمة تلك النعم نعمة الصحة والعافية.

وهنا نتذكر الحكمة القائلة إن “الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى”، وهي حكمة تلخص وتصور حقيقة ماثلة أمام أعيننا جميعا، فنحن عندما نصاب بأي ألم أو مرض حتى ولو كان بسيطا نشعر بمدى نعمة هذه الصحة، وندرك مدى ضعفنا وعجزنا أمام قدرة المولى عز وجل.

وبلا شك، فإن الصحة من أهم أسباب السعادة، وهي أن يسلم الإنسان من الأسقام والبلايا في عقله وبدنه وأهله، فمن أدركها فقد أدرك خيرًا كثيرًا. فمهما امتلك الفرد من مال وجاه وقوة، لن يجد أنها تساوي شيئا أمام وجود الصحة والعافية والقدرة على مواجهة تحديات هذه الحياة براحة واطمئنان.

الحياة جميلة ورائعة مهما كانت الأحداث السيئة التي تجري بها، أؤمن بأن الله سبحانه الذي قدر وقوع هذه الأحداث قادر أيضا على إزالتها، بل وإبدالها بأحداث أجمل بإذنه سبحانه؛ لذلك يجب أن نعي أن الذي وهبنا الصحة قادر على أن يسلبنا إياها متى شاء، إذن لا بد أن نتمسك بالأمل والإرادة حتى نتمكن من مواجهة هذه الحياة بإرادة قوية وقاهرة مؤمنين بقدرة الله سبحانه وتعالى على تخطي كل الصعاب سواء كانت مرض أو غيره والتوجه إلى الأمام، داعين العلي العظيم القادر القاهر أن يعيد لنا ما فقدناه أيًا كان.