فريدا كاهلو هي فنانة مكسيكية ذائعة الصيت. ولدت باسم ماجدولينا كار من أب ألماني يعمل مصورًا، وأم من أصل مكسيكي. عاشت كاهلو حياة قصيرة جدًا، امتلأت بالصدمات منذ نعومة أظافرها وحتى وفاتها في عمر 47 سنة.

كانت شخصيتها المرحة وانطلاقها مصدر جاذبية لكل من يقترب منها. أحبت علم الأحياء وكان حلمها أن تصبح طبيبة.

تعرضت فريدا لحادثة اصطدام مميت أثناء ركوبها حافلة الركاب التي كانت تستقلها وهي شابة بعمر 18 عامًا بعد خروجها من أحد المعاهد الطبية، نتج عنه كسور كثيرة في الظهر والحوض، وذلك بسبب دخول قضيب معدني في عمودها الفقري مما جعلها تبقى مقيدة بالجبس لمدة طويلة.

وكانت تلك الحادثة انعطافاً كبيراً في حياتها، فقد بدأت رحلة المعاناة والألم لمدة سنتين، علاوة على ذلك معاناتها من مرض شلل الأطفال الذي أصيبت به عندما كانت في السادسة من عمرها. لم تؤثر الإعاقة فقط على ساقها بل على روحها، فهذه الروح الحزينة كانت تشعر بالوحدة والاختلاف دون إرادة منها، حتى تعرضت لذلك الحادث الذي اضطرها إلى التمدد على ظهرها دون حراك لمدة سنة كاملة، أصبح العالم بالنسبة لها مجرد سرير يؤويها.

قامت والدتها للتخفيف عنها بوضع مرآة ضخمة في سقف الحجرة لتتمكن من رؤية نفسها والأشياء المحيطة بها. كانت كاهلو في مواجهة يومية مع نفسها، فهي ترى صورتها أكثر من أي شيء آخر، ما جعلها تطلب أدوات للرسم وتدرك شغفها به، جاعلة منه مهنتها اليومية، متخلية عن حلمها الأول في دراسة الطب. وقد كان هذا الحادث مغيرًا لمسار حياتها.

كان الفن في حياة كاهلو رحلة علاج، كان الرسم الشيء الوحيد الذي استطاعت فعله مع إصابتها، ولم تكن تعلم بأن أزمتها تلك هي من ستصنع فريدا كاهلو.
جعلت فريدا المرض سببًا لأن تواجه نفسها وترسم أوجاعها، فرسمت عن ولادتها وقدومها للحياة في لوحة بعنوان “ولادتي”. قالت فريدة عن هذه اللوحة: “إني قد أنجبت نفسي أو هكذا أتخيل أني ولدت.”، وفيها تخرج رأس طفلة تشبهها بنفس الحاجبين المتصلين من رحم أمها. وتعد هذه اللوحة من أكثر اللوحات المحببة لها.
حياة فريدا كانت مؤلمة فقد حرمت الإنجاب على إثر إجهاضات متكررة. خانها زوجها الذي أحبته، وأيضًا مع كل هذه الآلام بترت ساقها اليمنى تمامًا وأصبحت قعيدة كرسي متحرك.

حياة مؤلمة صنعت ألوان ملهمة بريشتها على لوحاتٍ بيع آخرها بما يتعدى 34 مليون دولار. العجيب في الأمر أن فريدا لم تكن مشهورة في حياتها.

قالت فريدا الجريحة: “أنا أرسم لأني دومًا وحيدة، وذاتي هي العنصر الذي أعرفه جيدًا”. عرفت ذاتها وعبرت عن جروحها، تكلمت بريشتها، لونت حياتها وجعلت من آلامها وأحزانها صورًا مقروءة وخالده في عالم الفن.
 
رحلت كاهلو عن هذا العالم المليء بالأوجاع، بعد أن تركت رصيدًا فنيًا كبيرًا وقصة حياة ملهمة، أصبحت من أهم الفنانات في عصرها.

كانت قد سجلت في مذكراتها قبل وفاتها بأيام قليلة عبارة حزينة تقول فيها “أتمنى أن يكون الخروج من هذه الحياة ممتعًا، كما أتمنى ألا أعود ثاني”.
 
حكاية فريدة كاهلو ملهمة بكل المقاييس بالنسبة لي على عدة أصعدة. عندما لا يُقدَّر أي عمل في حياتك من الناس، هذا لا يعتبر مؤشر لعدم جودة أعمالك؛ فإن الناس لا تعدل ولا تزن إنما هي أقدارٌ وفرص.

الصدق يخلد ويعيش لعقود وللأبد. ربما لو كانت اشتهرت في حياتها لما رسمت بمثل هذا الصدق والبراعة.

فريدا تزوجت رجلا يكبرها بـ 22 عام، أحبته وتوفت قبله. لذلك ليس من الحكمة أن نضع لتألف الأرواح قواعد، هي قلوب يقلبها الله كيفما يشاء.
 
من أقوالها المشهورة والمؤثرة: “ما حاجتي لقدمين إن كان لي أجنحة للطيران؟”، فقد كان الفن بحق أجنحة لها.

قالت في سيرتها الذاتية: “لم أرسم أبدًا أحلامًا، بل أرسم واقعي الحقيقي فقط”.