أعيش مع أناس في محيط لا محدود، أجدهم يتجاذبون أطراف أحاديث شتى يوميا، أجدهم يخوضون في نفس الأحاديث ونفس الروتين اليومي العقيم والممل بنفس الوقت، حتى أنه أصبح لدي القدرة على قراءة ما يجول بعقول من أجالسهم وأتصفح بريق ما تنطق به أعينهم. أصبح لدي مخزون هائل من اللغات التي بت أجيدها وببراعة فائقة، فبالإضافة لإجادتي للغة العيون، أجدت أيضا لغة الجسد وبعض اللغات الأخرى المتأصلة بالشخص. أجد الكثيرين ممن التقيهم لا يحملون منطق عقلاني أو فلسفي أو حتى منظور مختلف للحياة.

لذلك، دائما ما كنت أتجنب بحياتي مجالسة الكثير من التافهين والذين لا هدف لهم في هذه الحياة سوى قتل الأوقات وإضاعة الثمين من الفرص بالتطاول على الآخرين والسخرية من نجاحاتهم أيا كانت، واستنقاص الأشخاص ومعايرتهم بعيوبهم التي ابتلاهم الله بها بدون رحمة أو حتى ذرة من ضمير.

أولئك التافهين والتي تكتض بهم حياتنا ونجدهم بكل مكان سواء بمقرات العمل أو بمجالس العائلة أو بالمناسبات الاجتماعية أو حتى في الشارع ألا يعلمون بأن عمر الإنسان قصير جدا؟ وليس لدينا وقت لنقضيه في الترهات وفي الأفكار التي تكبلنا. ألم يفكروا ولو قليلا أن يكونون قوة إيجابية في هذه الحياة بدلا عن أن يكونون معول هدم للآخرين، فالحياة يكمن جمالها حينما نكون أفرادا وأعين منتجين ان نكون من صانعي الاهداف والطموحات لا متخاذلين، أن نكون على طبيعتنا دون تزييف، ما الضير في أن نكون أكثر وعيا وخبرة وإيمان بأنفسنا وأن نتغير للأفضل وليس للسوء. من الرائع جدا أن نكتشف ذواتنا ونقوم ما أعوج منها.

ثمة مقولة قرأتها مؤخرا : “رحلة البطل لا تنتهي حتى يعود إلى العالم الواقعي ويطبق ما تعلمه، وهذا يكون بفعل التجارب التي نمر بها ووعينا بماذا نريد فالأسئلة التي نطلقها ماهي إلا امتداد للحياة الداخلية التي نرغب بها.

فعندما نرغب بعالم مختلف لا بد أن نكون نحن مختلفين في داخلنا، فالعالم لا يتغير ونحن لم نغير دواخلنا، لأننا بحاجة أن نعرف ماذا نريد وما نعتقده من أجل أن نتحرر من الفوضى العقلية والركود الذي قد ينتابنا، فهي محاولة للإبقاء على أفضل الجوانب في حياتنا لنجد أنفسنا ونخطط لحظنا ومستقبلنا.”