تعد الصفوف الأولية من أهم المراحل الدراسية التي ينبغي أن نولي لها مزيدا من الأهتمام مقارنة بغيرها من سنوات الدراسة المختلفة وهذا بالفعل اتجاه تربوي في مجتمعاتنا ، ولكننا إذا تأملنا واقع التعليم في بعض المدارس الخاصة أو الأهلية نجدها مستوعبة تلك الأهمية بصورة خاطئة ، جعلتها تعتمد آليات اختصرت كل أهداف التعليم في _ إكساب الطفل المعارف الأساسية من مهارات القراءة والكتابة والرياضيات _وغيرها من المهارات الأكاديمية متناسية الوعاء الذي يستقبل هذه المعارف، فنجد العديد من المدارس تسعي إلى جعل الصفوف الدراسية مجرد حاويات للمعارف الجافة ساعية لاستقطاب معلمين ذوي خبرات أكاديمية متناسية أو متجاهلة أن هذه المرحلة تحتاج ريادة تربوية خبيرة قدر ما تحتاج إلي أكاديمي بارع في التخصص أو يزيد.

فالصفوف الأولية الطموحة تعني فهمًا دقيقًا للجانب السيكولوجي للمتعلم ؛ لأن التركيز على المعارف فقط يعني شحن عقول الأطفال بشواحن معرفية تفرغ بمجرد مغادرة أبواب الصف الدراسي، وتسهم في صناعة ببغاوات تستظهر المعرفة ولا توظفها لصنع فروقات لمجتمعاتها، كما أن الحفظ والاستظهار لا يعمل على إنتاج عقول ومعامل بشرية تدرك المعرفة وما وراء المعرفة، نحن في احتياج إلي استثمار رأس المال البشري في تلك الصفوف والمرحلة الابتدائية ككل، لنخرج عقولًا تستطيع أن تفكر وتستنتج وتحلل وتقارن وتدير ذاتها، نحتاج أن نربط المعرفة بخصائص هذه المرحلة لنصنع بيئة صفية هادفة، من خلال تأصيل العلم في مدارسنا وتفعيل استراتيجيات متقدمة مثل : التعلم المتقاطع، والمجسد والحسي والترفيهي ، والدرامي، والخفي، والعرضي، والتعلم الواعي، والتكيفي، وغيرها من استراتيجيات التعلم المتوافقة مع هذه المرحلة العمرية الرائعة من حياة الطفل وسط أجواء تعليمية قائمة على الأنشطة التعليمية الهادفة تدعم أنماطًا معرفية ممزوجة بين المعرفة والحياة ساعية نحو تحقيق الأهداف المجتمعية لبناء جيل قادر على توظيف ما تعلم لرفاهية نفسه ومجتمعه.

وهذه مسؤولية مجتمعية ينبغي أن يساهم الجميع في تحقيقها بدءًا من المعلم الذي عليه أن يسعى لصقل قدراته ومهاراته التدريسية معتمدًا على برامج التطوير المهني المختلفة لما لها من أهمية في تحديث الخبرات المعرفية والتربوية له وفق مستجدات الواقع التربوي الحديث، ومرورًا بإدارات المدارس الأهلية التي ينبغي عليها جلب كل ما هو جديد لمعلميها داخل تلك الصفوف، و بناء نماذج تقدم العلوم التربوية الحديثة من برامج إثرائية للطلاب والمعلمين ، وعليها أن تعيد ترتب اهتماماتها لتجعل التطوير التربوي في مقدمة أقسامها وتتبني استراتيجيات تدريسية حديثة.

فهذه الإجراءات وغيرها الكثير من شأنها أن تجعل صفوفنا الدراسية صفوف طموحة وقادرة على تطوير مجتمعاتنا .