من حكمة الله تعالى أن جعل نهاية كل عبادة سنوية عيداً ، ليفرح المؤمنون بقبول الطاعة وليعظموا شعائر الله ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب.
عيدٌ سعيدٌ، غيرَ أنّ سعادتي ** ‏في كل يومٍ فيكمُ تزدادُ
‏إن يفرحوا بالعيدِ يومًا واحدًا ** ‏فجميعُ أيامي بكم أعيادُ
ومن سنن العيد: التكبير والاغتسال ولبس أجمل الثياب وصلاة العيد والزيارة والتهنئة وإظهار الفرح والتوسعة على الأهل والأولاد ، والأضحية للقادر عليها ، فتقربوا إلى الله بالأضاحي ، وعظموا شعائر ربكم ، وضحوا تقبل الله ضحاياكم ، وكلوا وتصدقوا وأهدوا ، واذكروا اللهَ ، فَإنه مَا عُبِدَ الله فِي يوم النحر بمثل إراقة دم الأضاحي ، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض .
فافرحوا وابتهجوا والبسوا الجديد من الثياب ، وضحوا ، اللهُ أَكبرُ ، لبَّى لهُ الملبونَ وكبَّروا ، اللهُ أَكبرُ ، صلَّى له المصلونَ وسبحوا ، اللهُ أَكبرُ ، طافَ له الطائفونَ وعظَّموا ، اللهُ أَكبرُ ، ضحَّى له المضحون ونحروا ، هذا اليوم هو يوم العيد يوم فرح وسرور وابتهاج وحبور ، حرم الله عليكم صيامه ، وأباح لكم نعمه وفضائله ، وشرع لكم تعظيمه وذكره وشكره ، فاحْمَدُوا اللهَ على هذا الدين العظيم ، واشكروه على هذا العيد السعيد ، فعيدنا شكر لله على عطاياه ، وتوحيد خالص لله تعالى ، فهنيئًا لكم عيد الأضحى المبارك ، عيشوا الحياة بفأل وبشر ، وانشروا الفرح وابتعدوا عن التشاؤم ، وأكثروا من الذكر والشكر ، وصلوا أرحامكم ، وبروا والديكم ، وأدخلوا الفرح والسرور على أهلكم وأولادكم ، وَكونوا متحابين ، وأكثروا من الدعاء.
أيها القراء الكرام هذا يوم العفو والصفح والتسامح والتراحم فتسامحوا وتصافحوا وتراحموا ، هذا يوم الفرح فافرحوا واستبشروا : (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون).
فافرحوا بِنعمة الله عليكم بهذا العيد العظيم ، وأسعدوا من حولكم من الأقارب والجيران والأصدقاء والأطفال.
وأيام التشريق لها فضلها ومكانتها ، فهي الأيام المعدودات التي أمرنا بذكر الله فيها كما قال سبحانه: (وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ فِى أَيَّامٍ مَّعْدُودٰتٍ) ، وهي من المواسم الفاضلة والأيام العظيمة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله). رواه مسلم .
فأكثروا في هذه الأيام العظيمة من ذكره وشكره وتكبيره ، وإذا عدتم لبيوتكم وأهليكم ، فعودوا بقلوب صافية نقية ، ونفوس متسامحة ، صلوا من قطعكم ، وأعطوا من حرمكم ، وأحسنوا لمن أساء إليكم ، فالعيد درس عظيم من دروس التسامح والتصافي ، تتناسى فيهِ النفوس الكبيرة خلافاتها ، وتعود القلوب النقية فيه إلى سابق مودتها {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} .
وعيدكم سعيد ، وكل عام وأنتم بخير ، اللهم أدم علينا الفرح والسرور والسعادة ، وأعد علينا العيد بالعفو والعافية ، وأدم علينا نِعمةَ الأمنِ والأمانِ ، ووفق ولاة أمرنا لكل خير ، واجزهم خيراً على ما قدموه في خدمة ضيوف الرحمن ، وسهِّل على الحُجَّاج حجَّهم ، ويسِّر أمورهم ، ورُدَّهُم إلى أهلهم سالمين غانمين.