انغمس جون في القراءة حتى أصبح مذاق الفراولة لدغات سكريه جعلت من التلذذ مزاجا اندمج خياله مع الطفلة وهي تلتقط الفراشات في كيس البراءة إنها في غاية الجمال تداعب الفرح بلهو الألوان الجميلة في الفراشات وكلما أمسكت فراشة تحسست ألوانها من بقايا الجمال حتى تكون الرسومات ثمنها الجمال .

إنها ( لارا ) اليتيمة تلهو في سماء الطبيعة حتى يكون اليتم لاهيا بين الأزهار لقد فارق ابوها الحياه وهي لم تكتمل عامها الأول إنها الحياة أحيانا تأخذ إشراق السعادة منا دون أن تدري أنك تعيش على بقايا الأسماء وروائح السرد والحكايات والصور المبعثرة في ذاكرة الحزن هناك صور تكون ألوانها داكنة في كهوف مظلمة يبنيها الصمت بغشاء التعب إنه حنان الأب تجويفة في الأسماء وصرير يعزفه الألم ، وضع جون نظارته فوق مسند المقعد ومسح دمع عينيه كأن شيئا غريبا غذى روحه بالحنان حتى كاد ان يضم ( لارا ) في الخيال بين ذراعيه تنفس عميقا .

اكمل القراءة ، تعيش ( لارا ) في حضن امها هي الغلاف الساتر في أعماق الحياه حتى كبرت وجون بين الأوراق يعيش اللحظة بتفاصيلها الدقيقه حتى بلغ الصفحة الخامسة والثلاثين وفيها الوداع ، فارقت الأم الحياة وهي في عمر خمسة وثلاثين عاما ، كانت برواز الحياة لابنتها ( لارا ) هي كل شي لقد غلفتها البراءة في أنين حتى اصبح النداء فيه بحة من الأيتام بوضوح ، انها بحة الصوت موجاتها تعب وأنين . أي خيال جعل الكاتب يزرع الأحرف في الصفحات بحبر خليط من الدمع الممزوج بالإنسانية ، توقف جون قليلا ونظر طويلا في شريكة حياته وضعت رأسها على كتفه كأنها تحاول ان تشاركه الشعور بموجات يمتصها التعب أكمل القراءة عن هذه الطفلة التي اصبحت شديدة الذكاء ولطيفة في غاية الجمال .

لقد بدات مرحلة اخرى في حياتها عندما انتقلت للعيش في بيت جدتها الصغير الذي يضم حديقة لتربية الدواجن وكانت تعتني بالدجاج والبط تلهو في فرح وبراءة حتى بلغت ( لارا ) عامها الثامن عشر وبدات مفاتنها بنغمات الأنوثة ترسم ملامح الجمال في جسدها المتسق وازدادت جمالا وذكاء .

كان في الريف راعي الأغنام ينفخ النأي بصوته الشجي فيكون الطرب ألحانا ونغمات يطرب لها وجدان ( لارا ) حتى يكون الدمع يتراقص في سيمفونية النغم تعلمت منه عزف الناي عندما كانت تستريح تحت ظلال الشجر في ريفها الجميل ، فقد أهداها الراعي مزمارا نحيلا ولكنه غني بأعذب النغمات عندما يكون الهواء طليقا في تجاويفة. يجعل الحنان يدنوا براسه في قلبها حنيناً لأمها وتتأمل كيف تنهض وتبني الحياة بدون ضجيج .

حلق جون في الماضي وبدات الذكريات تنبش الأوراق القديمة في صفحاتها عندما كانت كاثي ذات الثماني عشرة عاما و التقاها في فناء الجامعة كان اللقاء شعورا متخفيا تحت غطاء المطر ولكن الارتعاش كانت أطرافه باردة حتى تصلبت الحروف غزلا في عيون الإعجاب .

تذكر جون الماضي وتنفس جون عميقا وانحنى إلى كاثي وطبع قبلة يصرف دواءها من رحيق الشفاه ، كانت سبابته فوق كلمة الحب وعندما فتح القصة لكي يكمل القراءة بدأ الصغير من القطار بان الرحلة وصلت الى محطتها الاخيره في المدينة .

حاول جون ان يأخذ القصة ، ولكنه ارتبك في القرار أخذ نظرة حول الجميع كان هناك رجلا ينظر اليه وجهه شاحبا ذو لحية خفيفة كساها الشيب ابتسم وهز برأسه يريد أن يرسل إليه إيحاء ان كل ماهو في جيوب المقاعد حقا للمسافرين وليس ملكا لأحد .

أرجعها جون في مكانها وهو يتمتم بعبارات لم يفهمها الآخرون غادر القطار مع زوجته كاثي وهو مازال جون ينظر الى القطار كأن ( لارا ) تعزف في تائها الحزين .

استاجر عاملاً يدفع عربة الفراولة نحو السوق القريب من المحطة وكان يعج بالبائعين بأنواع المحاصيل الزراعية وقف في اطراف السوق من الازدحام الكل من الارياف يأتي الى المدينه لكي يكون القيض والبيع والشراء وتبادل الأشياء من ضروريات الحياه إنها الارياف بسيطة في تقاسيم تضاريسها كانت فراولة الأرياف حباتها كبيرة تثير الإعجاب ومذاقها يأسر القلوب حلاوة ، تقدم قليلاً حتى اتاه رجلا ينتظر محاصيل الارياف أبتاع من جون جميع المحصول جملة ، قبض الثمن ، شاهد في ركن جميل بائع لديه مأكولات واجبان عربية تفنن الرجل العربي بالتسويق لها بأناشيد جميلة تثير الفضول بأنغام كلماتها توجه اليه ليتعرف على الماكولات وأخذ شيئا من ذلك ، كان التعب قد أحاط بذراعيه حوله وزوجته التي أصبح وجهها شاحبا.

في الخارج مقهى صغير جلس فيه وطلب قهوة له ولزوجته واحتسى جون من فنجانه الثائر على قطعات الخبز العربي و اكتفت كاثي بفنجانها الممزوج بالقرنفل كان وجهها يتلون من التعب بينما جون يقلب قصاصات صغيره في جيبه تبادر إلى ذهنه عيادة طبيه كان أحد اصدقائه يرتاد فيها بزوجته فتش في بنطاله وجد القصاصة في محفظة النفود فيها اسم العيادة ،
أوقف تاكسي وأعطاه العنوان كانت العيادة قريبة ، دخلت كاثي العيادة وفيها طبيبة جميلة وفي محياها ابتسامة الأناقة بينما انتظر جون في الاستراحه بدات
كاثي تجيب على الأسئله ابتسمت الطبيبة وطمأنتها لابد من إجراء التحاليل تم استدعاء جون واخباره بأن زوجته حامل ، فكانت الأفراح ترسم البهجة والسرور إشراق في وجه كاثي ، تحول الشحوب الى ورد قاني في وجنتيها تدغدغ نغماته الافراح هي لحظات تجعلنا في الحياة شركاء مع القادمون الى إليها سعادة في نمائها ، دخل الاطمئنان إلى فؤادهما وتوجها إلى السوق وأصبحت كاثي هي الوردة التي يجب أن لا تتعب ولا تذبل ، كان السوق فيه ملابس جميلة بأنواعها .

ابتاع لابن أخيه الذي هو على مشارف القدوم ( هنري ) وأمه هايدي بعض الهدايا وأخذ لزوجته هدية وابتاع لأمه إيلين قليلا من احتياجات الكوخ وملابس واشترى لأبيه نظارة داكنة تقي عيونه من أشعة الشمس وعادا إلى الريف يحملان البشرى الى الريف كما كان في سابق عهده طبيعة خلابه تداعبها الافراح ويصبح الحزن في دفاتر الذكرى ، إنه قانون الحياه لابد لها أن يستمر من أجل العطاء ، أقبلت كاثي حتى دخلت على هايدي في كوخها وجدتها منغمسة في ترتيب ملابس وليم مرة تشتم رائحتها ومرة تضمها هي عادة تعملها كل يوم حتى يكون الاطمئنان جزءا من ذوبان التعب ، وقفت في الباب وكانت البشرى جميلة قامت إليها هايدي وبادلتها الابتسامة والعناق و قدمت لها الهدية واخبرتها بأنها حامل سعدت لها هايدي إنها حياة الأرياف بسيطة تتفتح ازهارها مع كل خبر جميل.

تأملت هايدي الهدية وجدتها ملابس للأطفال ارتسمت الابتسامة على وجهها فرحة ودمعت عيناها إنها لحظات جميلة عندما تكون وحيدا ولا ينساك الآخرون هناك جون في كوخ الأب جاك يوزع الهدايا ويطلق الأخبار و يغني كان الجميع مسرورين .. وان هذه اللحظات لابد أن تتجدد معها الحياة بادرت الأم إيلين للقيام بحفلة صغيرة احتفالا بكل شيء أوقدت الشموع ووضعت الحلوى واجتمعت الأسره وبدأ جاك في الرقص على موسيقى بيتهوفن.

وإيلين كانت تتناغم مع الفرح وهايدي أخذت بيدها كاثي وأصبحت تموج مع النغمات إنها الأخبار السارة تشتم روائحها مع هبوب الرياح بعبير الأزهار في الأرياف

الى ،،،، يرقة اخرى في ريف الاعمى الذي يحلم ان يرى السماء .

ابتسم أيها الأنيق هكذا نعيش في الحياه.