فقدت وظيفتي فجأة ،، وتدهورت أوضاعي المالية و أبذل كل ما استطيع لأجد البديل ،لكن أكثر ما يزعجني الان هو ردة فعل زوجتي التي حذرتني انها لن تصبر كثيرا .

لم اكن اتوقع هذا منها !!!! حدثني محبطا، ارتفاع سقف توقعاتنا من الاخرين يساهم في الكثير من الصدمات النفسية ،، لكني هنا اعتقد ان توقعات هذا الزوج ليست جذر المشكلة كيف ؟؟ كيف لا يتوقع من زوجته وشريكته ان تكون السند والدعم في وقت المحن !!!

على افتراض ان علاقة الزوجين كانت جيدة وخالية من المشاكل بخلاف التدهور المالي الاخير ، من وجهة نظري جذر المشكلة هنا الضخ والترويج لحب الذات بشكل مبالغ فيه ،، مفاهيم الوعي الذاتي والاستحقاق وهي من أعمق المفاهيم الإنسانية والتي يفترض ان تكون طريقه للسواء النفسي تم التطرف فيها فانتجت شخصيات نرجسية لاتكترث الا لرفاهيتها فقط ،، أصبح فيه الانسان يستمد معنى حياته من ذاته فقط مستبعدا كل العناصر الاخرى التي يفترض ان تغذي هذه الذات بما فيها مؤسسة الاسرة والعلاقات الاجتماعية.

طبعا هنا السؤال المنطقي هل نحن ضد التنمية الذاتية او الوعي ؟بالطبع لا ،، انما هي دعوة للتوازن في هذه المفاهيم من حب الذات والاستحقاق وسقف توقعاتنا من الاخرين ، فلا تخلط بين حب الذات والانانية التي تدفعك لتجاهل مشاعر الاخرين وواجباتك تجاههم ولا تفرط في العطاء الاخرين وتصل لمرحلة نكران الذات .

التعايش والاندماج مع الاخرين والعلاقات الاجتماعية هو جزء لا يتجزأ من الحياه، كيف تنجح علاقة يغيب فيها العطاء ، المؤانسة في الوحدة ،والغوث في المحن وتلبية الاحتياجات وهي في مجموعها تشكل جوهر العلاقة الانسانية.

يعتقد علماء النفس ان العطاء يغذي حبك لذاتك من خلال حب الاخرين ( العطاء هو قمة الانانية للشخص الواعي).

ارجوكم اعملوا على التوازن في هذه المفاهيم بدون تطرف ،، التمحور حول الذات ليس الطريقة الامثل للحياة، العلاقات الاجتماعية استثمار لابد فيها من دفع الاثمان لتحصل على مزايا التواصل الانساني .

خفض توقعاتك من الغريب اذا اردت ،لكن حافظ على توقعاتك من زوجك ، اخيك، صديقك الحميم ، حتي لاينحسر التراحم ونفقد الثقة في العلاقة ويتهدد الامان ونحافظ على علاقات عميقة تفي بالوعود .

احذر ان تتحول من وضوح العلاقة الانسانية الراسخة الى غموض الصلات العابرة فيتحول مجتمعنا المترابط المتكافل الى مجرد تجمع بشري.

اذا كانت التنمية الحديثة تدعوك الى ان تكون موارد المعنى في حياتك جوانيه ،فجعلها جوانيه موصولة بالغيب وليست جوانيه مادية تقلص السعادة وتخفض سقف الغايات .