كل يوم نفيق على موعد مع عمر جديد أمدنا الله به بفضله. نشعر أننا نكبر مع مرور تلك الأيام وحينها قد ننسى وجوها كانت تتغلغل في تفاصيل حياتنا،وقد نذكربعضها الاخر كانت تساوي عمرا من أعمارنا. أحيانا قد تباغتك رائحة عطر عابرة أو صدى صوت جاءنا من بعيد.

هناك أماكن نمر بها أحيانا نشتم بها رائحة ماض غادرنا، وكأن تلك الأماكن تعيد لنا الزمن الذي ولى وانقضى، بلحظة تعيده بكل ساعاته وذكرياته وحتى تفاصيله مع أشخاص قاسمونا أيامنا وجميل لحظاتنا العابرة. وقفت قبل أيام بممر بمقر عملي أحادث إحداهن وفجأة وقعت عيني على لوحة معلقة على حائط المكان، كانت لوحة كبيرة والذي لفت نظري حينها أسماء لبعض الموظفات اللاتي كن يعملن معي بنفس المكان ولكنهم غادروا وانتقلوا إلى أماكن أخرى و بقيت فقط أسماءهن معلقة صامدة على الجدران، أسماء بهتت وقدمت ولكن الأثر لا زال باقي في ذاكرة المكان أبى أن يرحل.

لكل منا بصمة ما يتركها خلفه إذا ما غادر أمكنة أو أشخاص او حتى حياة بأكملها يذهب هو وتبقى تلك البصمة خالدة خلفه، بصمة ثابتة لم تسمح للزمان مسح آثارها، التصقت بتلك الأمكنة التي غادرها أصحابها.

البعض منهم قضوا سنوات من حياتهم بين هذه الجدران وبين تلك الأروقة ذهابا وإيابا، عاشوا أيامهم الطويلة وخلدوا خلالها ماض تزين بذكرهم وطموحاتهم. خلف جدران تلك الأمكنة التي تواجد فيها من قبلنا أشخاص ومن ثم تواجدنا نحن من بعدهم الكثير من القصص لا يعرفها إلا أصحابها، خلف كل ركن وكل زاوية وكل باب هناك بقايا لتلك القصص تحن لمن كانوا هنا وغادروا. بلا شك لن تعود تلك الذكريات ولن يعود ذلك الماضي الجميل ولكنه سيبقى عالقا في مخيلتنا رغم تباعد الأيام والسنون وازدحامها.

المشاعر التي لاتزال قابعة بذكريات من غادروا هي من تأمرنا باسترجاع للحظات مضت وانقضت. قد نبقى غارقون في زمن انتهى لكن طياته كانت بالنسبة لنا الأمل والجمال والحياة ولكن حتما لابد لكل شيء ان يرحل يوما ما وسيبقى الصمت .