قبيل أيام انتقلت إلى مقر عمل آخر وكنت جدا سعيدة بذلك. وضعت خططا كثيرة أثناء هذا الانتقال وأولها هو عدم السماح بأي منغصات أيا كانت. رسمت أهدافا وآمال وتطلعات فيما يخص عملي المناط إلي رغبة مني في التجدد الدائم كما كنت آمل دائما، ولكن في ثاني يوم عمل لي بذلك المكان استوقفتني أحد العاملات وبعد أن ألقت التحية والسلام قالت لي متسائلة: “كيف عملك الجديد إن شاء الله تكوني مرتاحة بيننا”، فأجبتها على تساؤلها برحابة صدر وقلت لها أنني جدا سعيدة بانضمامي لهم. وفي تلك الأثناء وأنا أقف مع تلك العاملة التي لم أرى ولم ألمس منها إلا كل خير تفاجأت بأخرى تقف أمامي مباشرة تراقب الوضع وتنظر لنا نظرات غريبة لم أفهمها، بعد ذلك قالت لي: “أستاذة فوزية ألا تريدين قهوة؟” فأشرت لها بيدي أنني لا أريد ولكن على الرغم من ذلك لم تغادر وظلت واقفة في مكانها. أكملت حديثي مع تلك العاملة التي كنت أقف معها ومن ثم غادرتها. عند مغادرتي لاحظت أن العاملة الأخرى تسير خلفي مباشرة، التفت إليها وقلت لها: “أتريدين شيئا؟”

أجابت بالنفي، ثم تركتها خلفي ودلفت إلى مكتبي وهرعت إلى إكمال عملي ولكن وجدتها تقف أمامي وبجوار مكتبي، نظرت لها بتعجب قلت لها: “أمريني ما الأمر؟”، فقالت وهي مرتبكة وهي تنظر إلى ناحية الباب خشية أن يدخل أحد: “أريد أن أخبرك شيئا مهما.” فنظرت إلى عينيها مباشرة التي بدأت تزيغ يمنة ويسرة، هنا علمت أن الأمر مريب تركت ما بيدي وقلت لها: “هات ما عندك”.

قالت: “تلك العاملة التي كنت تقفين معها قبل لحظات..”

قلت لها: “نعم ماذا بشأنها ما بها.”

تابعت كلامها: “احذري احذري منها فهي امرأة ليست كما تظهر لك بل هي عكس ذلك.”

حقيقة لقد ذهلت من كلامها ولم أعلق عليه البتة، اكتفيت بقولي لها أنني لا أريد سماع المزيد وأنني لم أنتقل إلى هنا لسماع كلام الوشاية من تلك وتلك، وأنني أتيت لأعمل فقط ولا شيء سوى ذلك. كأنها فهمت من كلامي أنني غير راضية عما قالته، فغادرت المكان وهي لا زالت بنفس ذلك الارتباك.

بعد خروجها امسكت قلمي وسألت نفسي سؤالا مهما: لم فعلت تلك العاملة ذلك؟ ولم قالت ما قالته بحق زميلة لها بنفس المكان؟ بغض النظر عن قباحة فعلها وماهية مسبباته فلا يحق لأي شخص أن يذكر أخاه بسوء في غيابه مهما كانت المبررات.

للأسف أن هناك البعض في مقرات العمل ممن هم على شاكلة تلك العاملة، وظيفتهم الأولى والأخيرة هي زرع التوتر وإثارة القصص والنميمة وخلق كل هذه الأجواء السلبية بدون رقابة على تصرفاتهم غير السوية.

كم أستغرب من أولئك البعض الذين يثيرون الشكوك والفتن ويسعون لزرع الأحقاد والتخريب بين الزملاء، و خلق النزاعات بين الناس وإشاعة حالة من الفوضى والمشاكل تعكر صفو العمل وتؤخر من إنجازه والمحزن أكثر هو أنهم قد يجدون أشخاص يسمعون لهم.

بلا شك جميعنا بدون استثناء نواجه في بيئة العمل هذا النوع من الأشخاص، ولكن على الرغم من ذلك التصرف الذي صدر من تلك العاملة ورغم أنه أزعجني بشدة إلا أنها لن تثنيني عن إكمال ورسم خططي وإكمال السير نحو التجدد المستمر بأمر الله مهما واجهنا من سلبيات. أمثال تلك العاملة لا يمثلون المجتمع وإنما يمثلون أنفسهم فقط.

لذلك يجب على كل فرد منا عندما تأتيه وشاية في شخص أو فئة، أن يقول كما قال سليمان عليه السلام للهدهد: “سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ”.

أمثالها يجب تعريتهم أمام الجميع وكشف نواياهم حتى يعتبرون.