زاد اليقين وزال الشك أن طفلها هنري فاقدا للبصر وتمخض اليأس عتمة يغشاه الظلام .

وبدا الاضطراب يركض ربكة في آفاق الخيال تقيس المسافات بين الدواء والنور والضياء وبقايا الأمل في العثور على طبيب يكون دواءه نور يضي الشعاع من عيني هنري ليرى وهج النجوم ينير السماء ويلهو براءة في طلق الارياف بين حبات المطر إن الحياة المبصرة تهديك ألوان الطبيعة وكل شيءٍ بدون ثمن ، وجعل السعادة يقضة في جمال الأحلام ، ويكون الكوخ متعة في رسوماته وتحفه ومن زواياه يستنشق روائح أبيه من مزهرية الحب الذي مازال عطره الفولاذي يعطر المكان ،ويلمس خطوط الشحوب التي ازدادت جمالا في وجنتي امه ثمن لندب البكاء على ابيه إنها أحاسيس يقرأها اللمس حباً من معاني الشعور .

كان الحب بين وليم وهايدي غزلاً يداعب الأرواح ويبهج السرائر حتى يهجع الحنان في النفس وتتعانق الشفاه بلسماً تغرس الورد في مكنون الصدور ، إنها الاقدار تطوي الأسى في خفايا الايام لقد جرفته أمواج الخرير في الليلة الممطرة فكأن الشحوب عزاء للأيام .

إنها الأمومة ينكأها التعب والحب والحزن حتى يجعلها الأرق ورقة يابسه تسمع خشيشها كلما أيقظتها المآسي في غسق الدجى الحالك ، إنها امنيات هايدي وآمالها تحلق بها في لحظات فوق النجوم من أجل فلذة كبدها تريد أن يتلاشى الغبش الداكن من عيناه وهي تنظر إليه طفلًا في غاية الجمال والوضاءة لقد أكمل شهره السادس كفيف ترعاه الأمومة حزناً بين الترائب في مكنون الصدور ، ومابين الحظات يثور الهوس من قشه المتهالك ويبني جدران اليأس في نفسها ويعصف السؤال بنبرة حادة إلى الحياة كيف سيعيش هذا الأعمى؟

هناك أكوام من الاسئلة تتراكم حيرة في الجواب

من يساعده ؟

من سيضع له الطعام ؟

وكثير من المن ينهال على هايدي فيكون البكاء الخافت حنانا يسقي الروح حباً وعطفا ويكون الغطاء حتى تهدأ النفس من تكرار الأسئلة . هي لا تعلم كيف الأيام أحياناً تنهانا عن الإجابات .

إنها الحياة تسقي رعاياها من لطف خالقها ومدبر أمرها قناعة و ترسم الابتسامة فطرة على الشفاة لتسقي منابع الردود والإفصاح وروداً محمرة في وجنتي هنري، بدات هايدي تركض نحو الحياة بحثا عن من هم مثل هنري وتفكر كيف عاشوا ؟ وكيف أصبحوا رجالا وآباء يقرؤون ويكتبون ويقضون يومهم بكل حب وسعادة بين أسرهم وفي محيط مجتمعاتهم .

وهناك الجدة إيلين في زاوية الأنين على سريرها الذي ودع نصفه شريك عمرها جاك حتى هي شاخت مرتين تعباً وعمرا وفي راسها السؤال يلف الأرياف عن طبيب يجعل الظلام نورا في حياة حفيدها هنري، والعم جون مابين الأخبار يترقب صحف العالم تجود باخبارها عن طبيب أو دواء لهذا العمى الذي أصاب ابن أخيه هنري .

وبينما هو في احد الأيام يجول ويقرأ في صحف الأخبار شاهد عنوان عريض أن هناك طبيبا مشهورا سوف يكون في المدينة لحضور المؤتمر العالمي عن العيون ولديه من الخبرة والشهرة العالمية في طب العيون أن يجعل الإبصار صحيحا يضيء نوره في سماء الكون جمالاً ودهشة وسعادة ، ازداد فرحاً وذهب بالبشرى الى كوخ اخيه حيث أمه وهايدي وهنري سُرّ الجميع حتى الفراشات تتراقص بالوانها في الريف لهذا الخبر الجميل ، إنها المدن الحضارية تفتح أبوابها لساكنين الأرياف.

أخبر جون الجميع بأن الأسبوع القادم سوف يرحلون إلى المدينة بعد ان اخذ موعداً مع الطبيب بمساعدة أحد أصدقائه الى حيث الاخبار السارة والذكريات الجميلة في عيادات الطب ولكي يطمئن جون مع كاثي في عيادات النساء على حملها وطفلهم القادم الذي فيه بذور السعادة في حياتهم .

استعدت العائله للذهاب الى المدينة وكانت هايدي تدخر قليل من المال واخذت عقدها الجميل الذي كان هدية من وليم في زفافها قبلته وثارت المواجع دموع ترثي الانين ، هناك أشياء ثمينة تدفعك الحياة أن تتنازل عنها رغم ثمنها الباهض في برواز الألم الذي ينخر الذى في دواخلك لتكون نعشاً في توابيت الظروف ، استعد الجميع و أشرق النهار وكان الجو جميلا فيه رذاذ من الهتان ، نظر جون الى جمال هنري وابتسم وقد ألبسته أمه ملابس براقة ممزوجة بالصوف الخفيف ذو الألوان الوردية والبيضاء وقبعة حمراء تسر الناظرين زادته إشراقاً ووضاءة وهو في غاية الجمال يغاغي بنغمات الفرح عندما تدغدغ أمه وجنتيه بأناملها تكون قهقهاته عزفا جميلا يجعل الانشراح يرقص في فضاء القلوب ، انهم زينة الحياة في عيون الكون إنهم يحملون الجمال في براءة الطفوله .

وصلت العائله إلى محطة القطار الكل في حالة سعادة إنه الطب يجر النفوس نحو بصيص الأمل ومسافات الإشراق الى المدينة ، كان الانتظار عجلاً لوصول القطار وصل أخيرا بعد أن أذاع مزماره صدى في غابات الأرياف ، هناك نظرات تسرقها عيني هايدي لأحد الركاب مع زوجته في القطار يلبس نظارة داكنة اللون . لماذا ؟

الى ،،، يرقة أخرى في ريف الاعمى الذي يحلم أن يرى السماء .

ابتسم ايها الانيق
هكذا نعيش في الحياه