تقوم المملكة العربية السعودية بجهود عظيمة كل عام لإنجاح مواسم الحج والعمرة ، وتحرص على توفير أفضل وأرقى الخدمات لحجاج ومعتمري بيت الله الحرام ليؤدوا مناسكهم بكل يسر وسهولة ، وفي كل عام تستعد المملكة لهذه المواسم بخطط استراتيجية، ومشاريع كبرى كثيرة ، وإمكانات مادية وبشرية ، وإجراءات إدارية وتنظيمية ، وإدارة للحشود البشرية حتى يؤدي جميع الحجاج والمعتمرين مناسكهم في جو إيماني مفعم بالراحة والسكينة والطمأنينة والأمن والأمان ، ومن تلك المشاريع والخدمات التي نفذتها التوسعات السعودية الثلاث للحرمين الشريفين ، والسعي الحثيث في استكمال مشاريع ساحات المسجد الحرام والمسجد النبوي ، وفتح سطح توسعة الملك عبدالله بالمسجد الحرام لأداء الصلوات الخمس والتراويح والتهجد هذا العام لأول مرة في شهر رمضان المبارك، وفتح نفق المشاة بحي جرول بمكة المكرمة الذي يوصل مباشرة إلى ساحات الحرم الشمالية ، والذي سهل الوصول للمسجد الحرام بأسرع وقت بعيداً عن الزحام ، وهو من أهم الطرق المؤدية إلى الحرم المكي ، ويبلغ طول النفق قرابة كيلو متر، ويربط جرول بالتوسعة السعودية الثالثة ، ويحتوي على أجهزة تكييف عالية الجودة ، وأنظمة متطورة لمكافحة الحريق ، وكاميرات مراقبة ، ودورات مياه ، وتم إطلاق قطار الحرمين السريع عام 2018 وهو مشروع فريد من أضخم مشاريع النقل العام يجسد جهود المملكة في العناية بضيوف الرحمن وسهل تنقلهم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة والعكس ، خلال 120 دقيقة فقط ذهاباً ومثلها رجوعاً بطول 450 كم ، وبطاقة استيعابية تبلغ 60 مليون مسافر سنويًا، وسرعة تشغيلية تصل إلى 300 كلم/ساعة ، وتم إطلاق القطار الذي يربط بين مطار الملك عبدالعزيز بجدة ومكة المكرمة لنقل الحجاج والمعتمرين خلال 54 دقيقة فقط بيسر وسهولة و طمأنينة وسلام ، وتم إطلاق خدمة النقل الترددي بالباصات المجانية من مطار الملك عبدالعزيز بجدة إلى المسجد الحرام بمكة المكرمة رحلة كل ساعتين إلى الحرم، وتم إطلاق قطار المشاعر المقدسة وزيادة طاقته الاستيعابية، وتطوير المطارات القريبة وجعلها مطارات دولية وتجهيزها لاستقبال الحجاج والمعتمرين ليتمكن المسلمون من جميع دول العالم من أداء مناسك الحج والعمرة، وإنجاز مشروع جادة قباء (مسار السنة) الذي يسهل على الحجاج والمعتمرين الذهاب من الحرم النبوي إلى مسجد قباء مشياً على الأقدام تطبيقاً للسنة ، ووفرت في الممشى كل الخدمات من عربات الجولف لنقل كبار السن والمطاعم والمحلات التجارية وكراسي الراحة وغيرها ، ومن تلك الخدمات والمبادرات الرائعة والكبيرة مبادرة “طريق مكة” وهي إحدى مبادرات وزارة الداخلية ضمن برنامج خدمة ضيوف الرحمن الذي يندرج تحت برامج رؤية المملكة 2030م ، وهي تنفذ للمرة الرابعة وتهدف إلى استقبال ضيوف الرحمن ، وإنهاء إجراءات حجهم من بلدانهم بسهولة ويسر قبل الوصول للمملكة ، تبدأ من حصوله على تأشيرة الحج إلكترونياً وإنهاء إجراءات دخولهم للمملكة من مطارات دولهم ، واستقبالهم في صالات مخصصة ، والانتقال لمقار إقامتهم مباشرة ، وتنتهي بتولي الجهات الخدمية إيصال أمتعتهم إلى مساكنهم ، وحظيت المبادرة بنجاحات كبيرة وإشادات دولية كثيرة ، وسهلت الإجراءات وأنجزت الخدمة في وقت قياسي.

ومن المشاريع العملاقة مشروع “مسار” وهو أحد أكبر المشاريع وتصل تكلفته لأكثر من ١٠٠ مليار ريال ، ويخدم الحجاج والمعتمرين القادمين من طريق جدة السريع ، ويضم مجموعة من الفنادق والأبراج السكنية المعدة لإسكان الحجاج والمعتمرين خلال موسمي الحج والعمرة، وأماكن ترفيهية وتسويقية وسوق كبير وممر للمشاة بطول 3.5 كيلومتر وعرض 320 متراً.

والمملكة العربية السعودية منذ تأسيسها على يد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- مروراً بأبنائه الملوك البررة وصولاً إلى العهد الزاهر الميمون عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان -حفظهم الله ووفقهم- وهي تولي خدمة ورعاية الحجاج والمعتمرين وتوسعة الحرمين الشريفين كل رعاية واهتمام ، وتقدم خدمات ذات جودة عالية لضيوف الرحمن ، وإتاحة الفرصة لأكبر عدد ممكن من المسلمين لأداء فريضتي الحج والعمرة على أكمل وجه ، وهذه الجهود التي تقوم بها الدولة وولاة أمرها -حفظهم الله- تعكس الصورة المشرفة والحضارية للمملكة في خدمة الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن.

فالمملكة قبلة المسلمين وقلب العالم الإسلامي ، ومنبع رسالة الإسلام ومهد النبوة ، وهذا شرف عظيم للمملكة وحكامها ومواطنيها أن يقوموا على خدمة أعظم الأماكن المقدسة الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين.

والمشاريع والخدمات التي تقدمها المملكة لضيوف الرحمن كثيرة جداً لا يمكن حصرها في مقال ، وإنما ذكرت بعضها على سبيل المثال لا الحصر ، حفظ الله السعودية وحكامها وشعبها وزادهم الله توفيقاً وسعادة وبركة.