الإنسان في صراع مستمر حول ما لا يملك، أو فيما لدى الآخرين! ينصرم عمره وتتآكل صحته، وتظهر على جسمه مؤشرات الشيخوخة وهو تائه جرياً على أمل تحقيق انتصار في مكانة اجتماعية، أو مالية، أو وظيفة منصبية، وربما كانت الأهداف مستحيلة أو شبه مستحيلة.

كلما تقدم في العمر عظمت تلك المطالب والأمنيات، وازداد الشغف وبذل المزيد من الجهود حتى وإن كانت محفوفة بالمخاطر، جشع نازع لثوب القناعة، بحثٌ عن التميز مهما كانت التكاليف حتى وإن أدى ذلك للقفز على القيم الفضيلة.

مغريات هذا العصر الصناعي التقني الرقمي سبباً رئيساً في ارباك الإنسان وتشتيت ذهنه من أجل تحقيق الصدارة في الأهداف المتنوعة الكثيرة، وبعد تحقيق الأهداف غالباً ينغمس في الترف المفرط المدمّر للقناعة، فتتمرد النفس وتبحث عن شيء يشبع رغباتها الطائشة، ويبدأ الانسان من حيث انتهى بحثاً عن انتصارات أخرى ولا يمل إلى أن يفارق الحياة وهنا تتوقف آلية الكفاح إلى الأبد.

التميّز فطرة خلقها الله في الإنسان، ويختلف البشر في التعامل والتعاطي مع هذه الفطرة حسب قدرة الانسان في تحكمه في هذه الفطرة والسيطرة عليها وتسييرها عبر منهج معتدل، الله سبحانه وتعالى أوضح لنا في كتابه الكريم قوله تعالى: ( نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) أي قسمنا بينهم معيشتهم، وجعلنا من نشاء رسولاً، وجعلنا من نشاء فيها أرفع درجات من بعض، هذا غنياً، وهذا فقيراً، وهذا ملكاً وهذا مملوكاً ( لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا).

من رزقه الله بعقل واعٍ ونافذٍ في الحقائق التي أوضحها الله تعالى في كتابه الكريم والسنة النبوية فليحمد الله، الطمع والجشع آفتان ضد القناعة والرضا والاستقرار البدني والنفسي.