توشح بالقشعريرة عندما تفيأ ذرات رمله في العراء لكنه لم يستشط حنقاً على مابدر من تلك الثُّلة المهترئة والتي كانت تمثل لديه محوراً هرمياً صامداً بإحداثياته الأفقية والرأسية بل كان فقط كامداً على ذكرياتٍ قد ولت في أدبارها ولازالت نقط وفائها تنعش ماهو محفور على أوراقها منذ أيام الصبا ونشوة الشباب.

فإستمرارية الإخلاص المفقود من فواصل الذاكرة في هذا الزمن الكالح نخوة تُحسب لمن يقود محورها وتكون راسخة في أواصرها إذا كانت الأبعاد متناقضة والتي بالرغم من ذلك تستمر الإستقامة بها ولها في دروب براقة يستطيع المرء أن يردد شعاراً لها يحي فيه عظمة الرجال.

فهذة الكوكبة ليس فقط من جوهرٍ كريمٍ نادر وإنما ثوابتها الإنسانية تتوكأ على عوامل بهيجة تستمد من طمأنينة نفسها مايدور في أعماق خلدها من مبادىء آسرة من المستحيل أن تتبدل على قيمها فهي دائماً ترفع ألوية الصواب فوق مآذنها البهية بسخاء لايصمت عند مدارك العطاء فقد جُبلت تلك الهمم العالية على أن تتحرر بكل إنسانية من زخرف دنياها إلى تلك المعاني الكريمة والنبيلة والصادقة والتي تُجسد القيم الصافية والمتألقة في الصراحة في زمن اللا بِر الحربائي المتعجرف.

فهل تحتاج تلك الأيادي النقية إلى ماقد يكون في جوف تلك الأيادي الغليظة والبدينة والملونة ؟

سؤالٌ قد يكون قصير في تفهم صياغة أبجدياته عند تلك الزمرة المذعورة التي غادرت الماضي غير مأسوف عليها وتعيش حاضرها بخوفٍ من المستقبل وقد يكون ذلك السؤال طويلٌ في علامات إستفهاماته لا يدركه إلا ذلك الحشد النيِّر في زمنٍ متخثر مالح ليس فقط تتغير فيه لون البشرة وملامحها حسب الطلب وإنما تنخدع بمعدنه أعتى بيوت المجوهرات والأحجار الكريمة ومهما يكن من أمر فالحقائب يجب أن لا تُحزم نحو طريق الوداع والقصائد يجب أن لا تُهزم تحت أروقة الأوراق الملونة .

فالحياة فاتنة بتلك الأيادي البريئة الناصعة والتي ترى في الوصل مشهداً واحداً للحقيقة وفي النُّبل فجراً موسيقاه من بلورة الأمواج الزرقاء العذبة وفي التنويل ينبوعاً يتدفق بالرقة والمصافاة وفي الوفاء غابة شامخة خضراء متألقة تضيء كل الجفون الناعسة وفي البسالة غطاءٌ يُبعثر وجل ليالي الحياة من زمن الوُلُودِيَّة مروراً بنشوة الطليعة وحتى جواهر الكهولة ويعيد إلى الأفق مهجة الإخاء بعطاءٍ سرمدي مونق كالذي تدقه غشقات الليالي الماطرة في روما القديمة حينما تهطل على الورود والأزهار والشرفات ولاتنتهي !!!.